Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 36, Ayat: 78-83)
Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَن يُحيِي ٱلْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ } [ يس : 78 ] أولم يتفكروا في بدء خلقه ، إنا أنشأناه من الذرة التي استخرجناها من صلب آدم ، وهي أصغر من العظيم الرميم ، ثم أودعناها في النطفة وهي في صلب أبيه مودعة ، ثم أودعنا النطفة في رحم أمه والنطفة ميتة ، ثم أنشأنا النطفة خلقاً آخر حيَّا ، { قُلْ يُحْيِيهَا ٱلَّذِيۤ أَنشَأَهَآ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ } [ يس : 79 ] ، الذي علم أن يخلق آدم من تراب بلا أب وأم ، وأنه يخلق حواء بلا أم ويخلق عيسى بلا أب . { ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُم مِّنَ ٱلشَّجَرِ ٱلأَخْضَرِ نَاراً } [ يس : 80 ] ؛ أي : من شجر أخضر البشرية نار المحبة { فَإِذَآ أَنتُم مِّنْه تُوقِدُونَ } [ يس : 80 ] ، شجرة بشريتكم ومصباح قلوبكم . { أَوَلَـيْسَ ٱلَذِي خَلَقَ ٱلسَّمَاواتِ وَٱلأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَىٰ أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُم بَلَىٰ وَهُوَ ٱلْخَلاَّقُ ٱلْعَلِيمُ } [ يس : 81 ] ، بهذه الإشارات مهد سبيل الرشاد إلى الاستدلال ، وقال : إن الإعادة في الابتداء ، فإذا أقررتم بالابتداء فأي إشكال بقي في جواز الإعادة في الانتهاء ؟ ثم قال : الذي قدر على خلق النار في الأغصان الرطبة من المرخ والعفار قادر على خلق الحياة في الرمة البالية ، ثم زاد في البيان بأن قال : إن القدرة على مثل الشيء كالقدرة عليه لاستوائها بكل وجه ، وأنه يحيي النفوس بعد موتها في العرصة ، كما يحيي الإنسان من النطفة ، والطير من البيضة ، ويحيي القلب بالعرفان لأهل الإيمان كما يحيي نفوس أهل الكفر بالهوى والطغيان . وقوله : { إِنَّمَآ أَمْرُهُ إِذَآ أَرَادَ شَيْئاً أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ } [ يس : 82 ] ، يشير إلى أن الإرادة الأزلية لما تعلقت بإيجاد المكونات تعلقت القدرة الأزلية على وفق الحكمة الأزلية بالمقدورات إلى الأبد على وفق الإرادة بإشارة أمر : { كُن فَيَكُونُ } إلى الأبد ما شاء في الأزل ، ثم نزه ذاته تعالى عن وصمة العجز عما يريد كينونته ، وقال : { فَسُبْحَانَ ٱلَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ } [ يس : 83 ] ، أثبت لكل شيء ملكوتاً - ملكوت الشيء : ما هو الشيء به قائم - ولو لم يكن لشيء ملكوت يقوم به لما كان شيء ، والملكوتيات قائمة بيد قدرته { وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } [ يس : 83 ] ، فاختيار أهل القبول وما لاضطرار أهل الرد ، عصمنا الله من الرد بفضله .