Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 36, Ayat: 73-77)

Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ثم بعضها كما قال تعالى : { وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَمَشَارِبُ أَفَلاَ يَشْكُرُونَ } [ يس : 73 ] ، فطالبهم بالشكر عليها فوجدهم مقصرين في أدائها مبالغين في كفران النعمة ، ثم شكا عنهم مع حبيبه صلى الله عليه وسلم فقال مع كل هذه الوجوه عن الإحسان : { وَٱتَّخَذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ آلِهَةً } [ يس : 74 ] ، أكلوا نعمتي وانتفعوا بها وعبدوا غيري ، { لَّعَلَّهُمْ يُنصَرُونَ * لاَ يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ } [ يس : 74 - 75 ] ، ولا نصر أنفسهم { وَهُمْ لَهُمْ جُندٌ مُّحْضَرُونَ } [ يس : 75 ] في العذاب ؛ ليذوق بعضهم وبال بعضهم . ثم عزى نبيه صلى الله عليه وسلم بقوله : { فَلاَ يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ } [ يس : 76 ] ، يشير إلى كلام الأعداء الصادر من العداوة والحسد جدير أن يحزن قلوب الأنبياء مع كمال قوتهم ، وأنهم ومتابعيهم مأمورون بعدم الالتفات له ، وتطييب القلوب في مقاساة الشدائد في الله بأن لها ثمرات كريمة عند الله ، وللحساد مطالب بها عند الله كما قال { إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ } [ يس : 76 ] من الحسد والضغائن { وَمَا يُعْلِنُونَ } [ يس : 76 ] من العداوة والطعن وأنواع الجفاء ، وإذا علم العبد أن ألمه آتٍ من الحق هان عليه ما يقاسيه ، لا سيما إذا كان في الله . ثم أخبر عن عناية الرحمن وغواية الإنسان بقوله تعالى : { أَوَلَمْ يَرَ ٱلإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ } [ يس : 77 ] ، يشير إلى كمال عنايته في خلق الإنسان أنه أفرغ عليه سبحانه نعمه ؛ إذ كان نطفة من ماء مهين فشدد أسره ، وجمع نشره وسوى أعضاءه ، وركب أجزاءه ونفخ فيه من روحه وأودعه العقل والتمييز ، ثم أنه جاء ظلوما كفَّاراً لأنعمه كما شكا عنه أنه خصيم مبين ينازعه في خطابه ، ويعترض عليه في أحكامه بزعمه في استصواب رأيه ، وكما قيل :