Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 37, Ayat: 1-12)

Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَٱلصَّافَّاتِ صَفَّا } [ الصافات : 1 ] يشير إلى صفوف الأرواح ، وما أنهم لما خلقوا قبل الأجساد كانوا في أربع صفوف كان الصف الأول : أرواح الأنبياء والمرسلين - عليهم الصلاة - وكان الصف الثاني : أرواح الكفار والمنافقين . { فَٱلزَّاجِرَاتِ زَجْراً } [ الصافات : 2 ] في " الإلهامات الربانية " : الزاجرات العوام عن المناهي والخواص عن رؤية الطاعات ، والأخص عن الالتفات إلى الكونين . { فَٱلتَّٰلِيَٰتِ ذِكْراً } [ الصافات : 3 ] ؛ هم { وَٱلذَّاكِـرِينَ ٱللَّهَ كَثِيراً وَٱلذَّاكِرَاتِ } [ الأحزاب : 35 ] . والمقسوم عليه { إِنَّ إِلَـٰهَكُمْ لَوَاحِدٌ } [ الصافات : 4 ] فلا تتخذوا من دونه آلهة من الدنيا والهوى والشيطان ، ومعنى كونه واحداً تفرده في صفة عن القسيم وتقدسه في وجوده عن الشبيه ، وتنزهه في ملكه عن الشريك ، واحد في جلاله أحد باستحقاق جماله ، واحد في أفعاله أحد في كبريائه بنعت علائه ووصف سنائه ، { رَّبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } [ الصافات : 5 ] أرض النفوس ، { وَمَا بَيْنَهُمَا } [ الصافات : 5 ] من صفات النفوس وصفات القلوب ، { وَرَبُّ ٱلْمَشَارِقِ } [ الصافات : 5 ] مشارق القلوب تطلع منها شموس الشواهد ، وأقمار الطوالع ، ونجوم اللوامع . { إِنَّا زَيَّنَّا ٱلسَّمَآءَ ٱلدُّنْيَا بِزِينَةٍ ٱلْكَوَاكِبِ } [ الصافات : 6 ] ، يشير به إلى الرأس فإنه بالنسبة إلى البدن كالسماء المزين { بِزِينَةٍ ٱلْكَوَاكِبِ } الحواس ، وأيضاً زيَّن سماء الدنيا بالنجوم ، وزيَّن قلوب أوليائه بنجوم المعارف والأحوال ، كما حفظ السماوات بأن جعل النجوم للشياطين رجوماً ، كذلك زين القلوب بأنوار التوحيد فإذا قرب منها الشياطين رجموهم بنجوم معارفهم . كما قال : { وَحِفْظاً مِّن كُلِّ شَيْطَانٍ مَّارِدٍ } [ الصافات : 7 ] ؛ يعني من شياطين الإنس { لاَّ يَسَّمَّعُونَ إِلَىٰ ٱلْمَلإِ ٱلأَعْلَىٰ } [ الصافات : 8 ] ، وهم أرباب الحقائق . { وَيُقْذَفُونَ مِن كُلِّ جَانِبٍ * دُحُوراً } [ الصافات : 8 - 9 ] يرمون كلماتهم الشريفة من كل جانب من جوانب أصحاب الأنفاس المطهرة ؛ فيلقونها إلى أوليائهم من مدعي هذا الحديث ، فمن دعواهم أكثر من معناهم على غير وجهها ؛ فيفهمون هؤلاء منها ما يقرب إلى طبعهم وهواهم ، ويتوهمون أنها من الحقائق والأسرار ، فإنهم بهذه الخيالات الفاسدة والتمويهات الكاسدة ، ساروا من أهل الأسرار وأرباب الحقائق ، وبهذا الحسبان والتمني يخالفون الشريعة وشموس ما الحقيقة ، فضلُّوا وأضلُّوا كثيراً فيستحقون بهذا الطرد والإبعاد . { وَلَهُمْ عَذابٌ وَاصِبٌ * إِلاَّ مَنْ خَطِفَ ٱلْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ } [ الصافات : 9 - 10 ] ، كذلك إذا اغتمَّ الشيطان من الأولياء أن بلغ إليهم شيئاً من وساوسه فإذا هم مبصرون . { فَٱسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَم مَّنْ خَلَقْنَآ } [ الصافات : 11 ] عرفهم عجزهم عن الإثبات ، وضعفهم في كل حال ، ثم ذكرهم نسبتهم إلى الطين اللازب ، كما قال : { إِنَّا خَلَقْنَاهُم مِّن طِينٍ لاَّزِبٍ } [ الصافات : 11 ] يشير به إلى أنه تعالى أودع في طينة الإنسانية خصوصية لزوب ولصوق ، وبكل شيء صادفه ؛ فصادف قوم الدنيا فلصقوا بها ، وصادف قوم الآخرة فلصقوا بها ، وصادف قوم نفحات ألطاف الحق فلصقوا بها ؛ فأذابتهم وجذبتهم عن أنانيتهم بهويتها كما تذيب الشمس الثلج وتجذبه ، بل عجبت إذا تحققت هذا المعنى ، ويسخرون بهذا المحرومون عن هذه السعادة .