Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 37, Ayat: 13-24)

Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ثم أخبر عن خذلان أهل الحرمان بقوله تعالى : { وَإِذَا ذُكِّرُواْ لاَ يَذْكُرُونَ } [ الصافات : 13 ] ، يشير إلى أنهم نسوا الله غاية النسيان بحيث لا يذكرونه ، { وَإِذَا ذُكِّرُواْ } يعني : الله { لاَ يَذْكُرُونَ } لا يتذكرون ، { وَإِذَا رَأَوْاْ آيَةً } [ الصافات : 14 ] ؛ أي : رجلاً يكون آية من آيات الله { يَسْتَسْخِرُونَ } [ الصافات : 14 ] ؛ يسخرون به ويعرضون عن الإيمان ، ويقولون لما يأتي به : { إِن هَـٰذَآ إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ * أَءِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَءِنَّا لَمَبْعُوثُونَ * أَوَ آبَآؤُنَا ٱلأَوَّلُونَ } [ الصافات : 15 - 17 ] يبعثون . قالوا : على وجهة الاستبعاد والمعرفة لهم مفقودة ، والبصائر لهم مسدودة ، وقلوبهم عن التوحيد مصدودة ، { قُلْ نَعَمْ وَأَنتُمْ دَاخِرُونَ } [ الصافات : 18 ] على وجه الفقر تبعثون ، وبزجرةٍ واحدةٍ تحشرون ، كما قال : { فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِذَا هُمْ } [ الصافات : 19 ] قيام { يَنظُرُونَ } [ الصافات : 19 ] ، حيارى كأنهم سكارى ، { وَقَالُواْ يٰوَيْلَنَا هَـٰذَا يَوْمُ ٱلدِّينِ } [ الصافات : 20 ] دعوا بالويل على أنفسهم حين لا ينفعهم الويل ؛ فيقال لهم : { هَـٰذَا يَوْمُ ٱلْفَصْلِ } [ الصافات : 21 ] الذي كذبتم به ، وقد عاينتم { ٱلَّذِي كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ * ٱحْشُرُواْ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ وَأَزْوَاجَهُمْ } [ الصافات : 21 - 22 ] ، يشير به إلى حشر النفوس ولعبادها { وَمَا كَانُواْ يَعْبُدُونَ * مِن دُونِ ٱللَّهِ } [ الصافات : 22 - 23 ] من الهوى والدنيا والشيطان { فَٱهْدُوهُمْ إِلَىٰ صِرَاطِ ٱلْجَحِيمِ } [ الصافات : 23 ] ، فإنهم كانوا في الدنيا يهدون إلى هذا الصراط ، وأنهم يحشرون على ما ماتوا عليه ، وكذلك من أعان صاحب فترة في فترته أو صاحب زلة في زلته كان مشاركاً في عقوبته ، واستحقاق طرده وإبعاده ، كما أشركت النفوس والأجساد في الثواب والعقاب ؛ لقوله : { وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَّسْئُولُونَ } [ الصافات : 24 ] ، فيه إشارة إلى أن للسالك في كل مقام وقفة تناسب ذلك المقام ، وهو مسئول عن أداء حقوق ذلك المقام ، فإن خرج عن عهدة جوابه بالصواب أذن في العبور وإلاَّ بقي موقوفاً رهيناً بأحواله إلى أن يؤدي حقوقه ، فمن السؤال صعب وقوم يسألهم الملك ، فالذين يسألهم الملائكة أقوام لهم أعمال صالحة تصلح للعرض والكشف ، وأقوام لهم أعمال لا تصلح للكشف ، وهم قسمان : الخواص يسترهم الحق عن إطلاع الخلق عليهم في الدنيا والآخرة . وأقوام هم أرباب الزلات يختصهم الله برحمته فلا يفضحهم . ثم إنهم يكونون في بعض أحوالهم بعين الهيبة ، وفي بعض أحوالهم بنعت البسط والقربة ، وفي الخبر : إن أقواماً يسترهم بكنفه ، عن عبد الله بن عمر يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إن الله يُدني المؤمنين يوم القيامة حتى يضع عليه كنفه يستره من الناس ، فيقول : أي عبدي تعرف ذنبك كذا وكذا ، فيقول : نعم أي رب ، ثم يقول : أي عبدي تعرف ذنبك كذا وكذا ، فيقول : نعم أي رب ، حتى إذا قرره بذنوبه ورأى في نفسه قد هلك قال : فإني سترتها عليك في الدنيا ، وقد غفرتها لك اليوم ، ثم يعطى كتاب حسناته ، وأما الكفار والمنافقين فيقول الأشهاد : هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ، ألا لعنة الله على الظالمين " ، حديث متفق على صحته . وأما الأغيار والأجانب فيقال لهم : { كَفَىٰ بِنَفْسِكَ ٱلْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً } [ الإسراء : 14 ] فإذا قرءوا كتابهم يقال لهم ما جزاء من عمل هذا ؟ فيقول : جزاؤه النار ، فيقال لهم : ادخلوها بحكمهم .