Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 37, Ayat: 25-36)

Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ثم يقال لهم في بعض أحواله استيلاء الفزع عليهم : { مَا لَكُمْ لاَ تَنَاصَرُونَ * بَلْ هُمُ ٱلْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ } [ الصافات : 25 - 26 ] بالاضطرار . وبقوله : { وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَسَآءَلُونَ } [ الصافات : 27 ] ؛ أي : يتخاصمون ، يشير إلى أن دأب أهل الدنيا أنهم يلقون ذنب بعضهم على بعض ، ويدفعون عن أنفسهم البلاء ، ويرضون لإخوانهم ما لا يرضون لأنفسهم ، وهمة أهل الدين أنهم يضعون ذنب الإخوان على أنفسهم ، ويبرءون أعراض الإخوان عن تهمة الذنوب ، ويتهمون أنفسهم بها ، كما أن عيسى عليه السلام رأى رجلاً قد سرق شيئاً فقال له : أسرقت ؟ قال : لا والذي لا إله إلا هو ، فقال عيسى : صدقت وكذبت عيناي . وبقوله : { قَالُوۤاْ إِنَّكُمْ كُنتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ ٱلْيَمِينِ } [ الصافات : 28 ] ؛ أي : أضللتمونا عن الدين ، يشير إلى أن من كان مؤمناً حقيقياً لا يقدر أحد على إضلاله ، ولكن الذين اتخذوا الإيمان بالتقليد لا بالتحقيق فيضلون بإضلال أهل الأهواء والبدع ، كما أشار إلى هذا المعنى بقوله : { قَالُواْ بَلْ لَّمْ تَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ } [ الصافات : 29 ] ؛ أي : إيمانكم ما كان حقيقياً بل كان تقليدياً ، فزال بأدنى شبهة ، ويستدلون على هذا المعنى بقولهم { وَمَا كَانَ لَنَا عَلَيْكُمْ مِّن سُلْطَانٍ } [ الصافات : 30 ] ؛ ليزيل إيمانكم عنكم بالقهر والغلبة على قلوبكم ، { بَلْ كُنتُمْ قَوْماً طَاغِينَ } [ الصافات : 30 ] ؛ أي : كان لكم نفوس أمَّارين بالسوء طغت عليكم نفوسكم ، وأضلتكم عن سواء السبيل . ثم أخبر عن إقرارهم بعد إنكارهم بقوله تعالى : { فَحَقَّ عَلَيْنَا قَوْلُ رَبِّنَآ } [ الصافات : 31 ] يشير إلى قوله تعالى في الأزل : { كُن } ، وحكم بأمر واحد وهو { كُن } ؛ أي : يكون كل شيء كما أراده في الأزل وأخبر الله تعالى عن مقتضى قوله : { كُن } في الأزل ، وقال : { فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي ٱلْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ } [ الصافات : 33 ] ، كما كانوا في الغواية والضلالة مشتركون . { إِنَّا كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِٱلْمُجْرِمِينَ } [ الصافات : 34 ] ؛ يعني في حكم الأزل بأمر { كُن } ؛ ليكونوا مجرمين ليذوقوا العذاب الأليم ، ومن ذلك { إِنَّهُمْ كَانُوۤاْ إِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ ٱللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ } [ الصافات : 35 ] ، ولهذا { وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُوۤاْ آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَّجْنُونٍ } [ الصافات : 36 ] فقال تعالى على قصد قوله : { كُن } في الأزل .