Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 37, Ayat: 51-61)

Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وبقوله : { قَالَ قَآئِلٌ مِّنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ * يَقُولُ أَءِنَّكَ لَمِنَ ٱلْمُصَدِّقِينَ * أَءِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَءِنَّا لَمَدِينُونَ } [ الصافات : 51 - 53 ] يشير إلى أنهم في الجنة يتذكرون فيما جرى بينهم في الدنيا مع قرنائهم ؛ ليريهم ما بهم من العذاب فيعرفوا قدر نعمة الله على أنفسهم ، ويزيد في الشكر على نعم الله ، ويستحلي لهم ذوق نعيم الجنة مما يطالعون أحوال قرنائهم السوء وذلك قوله تعالى : { هَلْ أَنتُمْ مُّطَّلِعُونَ * فَٱطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَآءِ ٱلْجَحِيمِ * قَالَ تَٱللَّهِ إِن كِدتَّ لَتُرْدِينِ * وَلَوْلاَ نِعْمَةُ رَبِّي } [ الصافات : 54 - 57 ] ؛ أي : نعمة حفظه وعصمته وهدايته { لَكُنتُ مِنَ ٱلْمُحْضَرِينَ } [ الصافات : 57 ] ؛ أي : معكم فيما كنتم فيه من الضلالة في البداية وفيما أنتم فيه من العذاب والبعد والنهاية ، وإنما أخبر الله تعالى عن هذه الحالة قبل وقوعها ؛ ليعلم أن غيبة الأشياء سواء في علمه وجودها وعدمها ، بل كانت المعدومات في علمه موجودة ، وليعلم أن الأمور بيده تعالى يقلبها كيف يشاء . بقوله تعالى : { أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ * إِلاَّ مَوْتَتَنَا ٱلأُولَىٰ وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ } [ الصافات : 58 - 59 ] يشير إلى أن من مات بالموتة الأولى - وهي الموتة الإرادية عن الصفات النفسانية الحيوانية - فقد حي بحياة روحانية ربانية لا يموت بعدها أبداً ، بل ينقل المؤمن من دار في جوار الحق تعالى ، فلا يعذب بنار الهجران وآفة الحرمان ، وأذهبت نفحة من نفحات الحق من جناب القدس ، أو شم رائحة من نسيم القرب ، أو بدت شظية من الحقائق ، وتباشير الوصلة جدير أن يقول : { إِنَّ هَـٰذَا لَهُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ } [ الصافات : 60 ] وبالحري أن يقال : { لِمِثْلِ هَـٰذَا فَلْيَعْمَلِ ٱلْعَامِلُونَ } [ الصافات : 61 ] ، بل لمثل هذه الحالة تبذل الأرواح وتفدي الأشباح ، كما قيل : @ عَلى مِثلِ لَيلى يَقتُلُ المَرءُ نَفسَهُ وَإِن كُنتُ مِن لَيلى عَلى اليَأسِ طاوِيا @@ وهاهنا تضيق العبارات وتتقاصر الإشارات .