Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 38, Ayat: 45-54)

Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ثم أخبر عن خلاص أهل الإخلاص بقوله تعالى : { وَٱذْكُرْ عِبَادَنَآ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُوْلِي ٱلأَيْدِي وَٱلأَبْصَارِ } [ ص : 45 ] ، يشير إلى أن كمالية العبودية إنما يحصل في عبادنا المخلصين ؛ إذاً { إِنَّآ أَخْلَصْنَاهُمْ } [ ص : 46 ] من غل بشريتهم ، و [ شوائب ] أنانيتهم { بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى ٱلدَّارِ } [ ص : 46 ] ؛ أي : تفصيله خالصة بجعل القلب سليمان من ذكر الدار ؛ يعني : بقطع تعلقه عن الدارين ؛ إذ لم يعلموا على ملاحظة حظوظها ، بل تجردوا لنا بقلوبهم عن ذكر الدارين . { وَإِنَّهُمْ عِندَنَا لَمِنَ ٱلْمُصْطَفَيْنَ ٱلأَخْيَارِ * وَٱذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ } [ ص : 47 - 48 ] واعتبر أو أسلم نفسه للذبح في سبيل الله ، { وَٱلْيَسَعَ وَذَا ٱلْكِفْلِ } [ ص : 48 ] قيل أنهما كانا أخوين ، { وَذَا ٱلْكِفْلِ } [ ص : 47 ] تكفل الله تعالى بعمل رجل صالح مات في وقته ، { وَكُلٌّ مِّنَ ٱلأَخْيَارِ * هَـٰذَا ذِكْرٌ } [ ص : 48 - 49 ] ؛ أي : القرآن فيه ذكر ما كان ، وذكر الأنبياء وقصصهم ؛ ليعتبر بهم ويقتدي بسيرهم ، فإنهم كل من الأخيار للنبوة والرسالة ، { وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ } [ ص : 49 ] الذين يتقون بالله عما سواه { لَحُسْنَ مَآبٍ } [ ص : 49 ] في الحضرة وعالم الوحدة . وبقوله : { جَنَّاتِ عَدْنٍ مُّفَتَّحَةً لَّهُمُ ٱلأَبْوَابُ * مُتَّكِئِينَ فِيهَا يَدْعُونَ فِيهَا بِفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرَابٍ * وَعِندَهُمْ قَاصِرَاتُ ٱلطَّرْفِ أَتْرَابٌ * هَـٰذَا مَا تُوعَدُونَ لِيَوْمِ ٱلْحِسَابِ } [ ص : 50 - 53 ] ، يشير إلى أن هذه الجنات بهذه الصفات مفتوحة الأبواب لهم ، وأبواب الجنة بعضها مفتوحة إلى الخلق ، وبعضها مفتوحة إلى الخالق ، لا يغلق عليهم واحدة منها ، فيدخلون من باب الخلق ، ويتنعمون بما أعد لهم فيها ، ثم يخرجون من باب الخالق وينزلون { فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ } [ القمر : 55 ] ، لا يقيدهم نعيم الجنة ليكونوا من أهل الجنة ، كما لم يقيدهم نعيم الدنيا ليكونوا من أهل الدنيا ، بل أخلصهم الله من حبس الدار ، ومتعهم بنزل المنزلين ، وجعلهم من أهل الله وخاصته ، { إِنَّ هَـٰذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِن نَّفَادٍ } [ ص : 54 ] ؛ أي : هذا ما رزقناهم من الأزل فلا نفاذ له إلى الأبد .