Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 38, Ayat: 62-74)
Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وبقوله : { وَقَالُواْ مَا لَنَا لاَ نَرَىٰ رِجَالاً كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِّنَ ٱلأَشْرَارِ } [ ص : 62 ] ، يشير إلى تخاصم أهل النار مع أنفسهم ، يسخرون بأنفسهم كما كانوا يسخرون بالمؤمنين ، فيقولون : { مَا لَنَا لاَ نَرَىٰ } [ ص : 62 ] في جهنم ، { رِجَالاً كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِّنَ ٱلأَشْرَارِ } [ ص : 62 ] ، وهذا مقام الأشرار . { أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيّاً } [ ص : 63 ] وما كانوا من الأشرار ، { أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ ٱلأَبْصَار } [ ص : 63 ] ، ما لنا لا نراهم معنا هاهنا ، { إِنَّ ذَلِكَ } [ ص : 64 ] التخاصم ، { لَحَقٌّ } [ ص : 64 ] مع أنفسهم { تَخَاصُمُ أَهْلِ ٱلنَّارِ } [ ص : 64 ] من الندامة ، حين لا ينفعهم التخاصم ولا الندامة . وبقوله : { قُلْ إِنَّمَآ أَنَاْ مُنذِرٌ وَمَا مِنْ إِلَـٰهٍ إِلاَّ ٱللَّهُ ٱلْوَاحِدُ ٱلْقَهَّارُ } [ ص : 65 ] ، يشير إلى أنه ليس للعباد ملجأ ولا مفر إلا إله واحد لا شريك له ؛ ليعز العباد في الله إلى شريكه ، وهو قهار يقهر العباد بذنوبهم ومعاصيهم ، وليس النبي صلى الله عليه وسلم إلا مخوفهم ومحذرهم من الكفر والمعاصي ، ومبشرهم على الإيمان والطاعة ، وإن الله { رَبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا ٱلْعَزِيزُ } [ ص : 66 ] بالانتقام من المجرمين ، { ٱلْغَفَّارُ } [ ص : 66 ] لمن تاب وآمن وعمل صالحاً . ثم أخبر عن تعظيم النبأ العظيم بقوله تعالى : { قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ * أَنتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ } [ ص : 67 - 68 ] ، يشير إلى أن أمر النبوة وما أنبأهم به من أخبار القيامة والحشر ، والجنة والنار ، هو نبأ عظيم وشأن جسيم ، يستدل به على صدقه في دعوى النبوة { أَنتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ } [ ص : 68 ] ؛ لضلالتكم ، وغاية جهالتكم ، { مَا كَانَ لِيَ مِنْ عِلْمٍ بِٱلْمَلإِ ٱلأَعْلَىٰ إِذْ يَخْتَصِمُونَ } [ ص : 69 ] فيما أخبرتكم من اختصامهم لو لم يكن لي نبوة ، { إِن يُوحَىٰ إِلَيَّ } [ ص : 70 ] ؛ أي : ما يوحى { إِلاَّ أَنَّمَآ أَنَاْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ } [ ص : 70 ] ، ظاهر النبوة بالدلائل الواضحة منها : قوله : { إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِّن طِينٍ * فَإِذَا سَوَّيْتُهُ } [ ص : 71 - 72 ] تسوية تصلح لنفخ الروح الخاصة المضافة للحضرة ، { وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ } [ ص : 72 ] ؛ لاستحقاقه الخلافة ، ومسجود به الملائكة ، { فَسَجَدَ ٱلْمَلاَئِكَةُ كُـلُّهُمْ أَجْمَعُونَ } [ ص : 73 ] ؛ لآدم خلافة عن الحق تعالى ؛ إذ كان متجلياً فيه فوقعت هيبته على الملائكة فسجدوا له ، ولما كان إبليس أعول فلما رأى آثار أنوار التجلي على مشاهدة آدم استكبر ، كما قال : { إِلاَّ إِبْلِيسَ ٱسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ ٱلْكَافِرِينَ } [ ص : 74 ] .