Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 38, Ayat: 75-81)
Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وبقوله : { قَالَ يٰإِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ } [ ص : 75 ] ، يشير إلى استحقاق آدم لمسجوديه الملائكة باختصاصه في الخلقة بيديه من سائر المخلوقات ، ويشير بيديه إلى صفتي اللطف والقهر ، وهما يشتملان على جميع الصفات ، وما من صفة إلا وهي إما من قبيل اللطف ، وإما من قبيل القهر ، وما من مخلوق من جميع المخلوقات إلا هو إما مظهر صفة اللطف ، وإما مظهر صفة القهر ، كما أن الملك مظهر صفة لطف الحق تعالى ، والشيطان مظهر صفة قهر الحق تعالى إلا الآدمي ، فإنه خلق مظهر كلتي صفتي اللطف والقهر ، والعالم بما فيه بعضه مرآة صفات لطفه تعالى وبعضه مرآة صفة قهره ، والآدمي مرآة ذاته وصفاته تعالى وتقدس كما قال : { سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي ٱلآفَاقِ وَفِيۤ أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ ٱلْحَقُّ } [ فصلت : 53 ] ، وبقوله : { أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ ٱلْعَالِينَ * قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ * قَالَ فَٱخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ * وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِيۤ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلدِّينِ } [ ص : 75 - 78 ] ، يشير إلى عزة آدم وكرامته بأن يكون مستحقاً لسجود الملائكة ولم يكن لأحد منهم أن يستكبر من سجوده ، وإن استكبر ويدعي الخيرية عليه يلعنه الله ، ويخرجه عما يكون فيه من المقام والمنزلة ، وحسن الصورة والطرد وإن استكبر عن الحضرة . وبقوله قال : { قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِيۤ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ * قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ ٱلْمُنظَرِينَ * إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْوَقْتِ ٱلْمَعْلُومِ } [ ص : 79 - 81 ] ، يشير إلى أن من أبعده الحق وأطرده ، وقلب عليه أحواله حتى تجر إلى نفسه أسباب الشقاوة ، كما دعا ربه وسأله الأنظار من كمال شقاوته ؛ ليزداد إلى يوم القيامة في سبب عقوبته فأنظره الله وأجابه إذا سأله بربوبيته ؛ ليعلم أنه كل من سأله باسمه الرب فإنه يجيب كما أجاب إبليس ، وكما أجاب آدم عليه السلام إذا قال : { رَبَّنَا ظَلَمْنَآ أَنفُسَنَا } [ الأعراف : 23 ] ، وأجابه وتاب عليه ، وهدى إبليس لتمام شقاوته .