Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 39, Ayat: 45-47)
Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وبقوله : { وَإِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَحْدَهُ ٱشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ } [ الزمر : 45 ] ، يشير إلى إمارة خسرانهم بأنهم تصرفوا في العارية بغير إذن صاحبها على خلاف أوامره ، وفي إمارة خسرانهم { وَإِذَا ذُكِرَ ٱلَّذِينَ مِن دُونِهِ } [ الزمر : 45 ] ؛ أي : من دون الله ، { إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ } [ الزمر : 45 ] ؛ وذلك لانحراف مزاج توحيدهم بالتفاتهم إلى ملك الله الذي كان عندهم بالعارية بنظر الخيانة من التملك ، فوقعوا عن الصراط المستقيم الواحدة في جهنم الشركة ، { ذَلِكَ هُوَ ٱلْخُسْرَانُ ٱلْمُبِينُ } [ الزمر : 15 ] . { قُلِ ٱللَّهُمَّ فَاطِرَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ } [ الزمر : 46 ] سماوات القلوب والأرواح ، { وَٱلأَرْضِ } [ الزمر : 46 ] أرض النفوس والأشباح ، { عَالِمَ ٱلْغَيْبِ } [ الزمر : 46 ] غيب ما يجري في الأرواح والقلوب والنفوس ، { وَٱلشَّهَادَةِ } [ الزمر : 46 ] شهادة ما يجري على الأشباح ، { أَنتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ } [ الزمر : 46 ] من الأرواح والقلوب والنفوس والأشباح فيما جرى عنهم ، وفيما بينهم اليوم بالعفو والفضل والكرم ، وتوفيق التوبة والإنابة وإصلاح ذات البين ، ويوم القيامة بالعدل والنفقة وانتقام بعضهم من بعض { فِي مَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ } [ الزمر : 46 ] بالشرع والطبع . ثم أخبر عن أحوالهم مع أهوال الآخرة بقوله تعالى : { وَلَوْ أَنَّ } [ الزمر : 47 ] ؛ لكن { لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ مَا فِي ٱلأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لاَفْتَدَوْاْ بِهِ مِن سُوۤءِ ٱلْعَذَابِ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ } [ الزمر : 47 ] ، يشير إلى أن هذه الجملة لا تقبل يوم القيامة لدفع العذاب ، واليوم هاهنا يقبل ذرة من الخير ، ولقمة من الصدقة ، وكلمة من التوبة والاستغفار ، كما أنهم لو بكوا في الآخرة بالدماء لا يرحم بكائهم ، وبدمعة واحدة اليوم تمحى كثير من دواوينهم ، فقال : { وَبَدَا لَهُمْ مِّنَ ٱللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُواْ يَحْتَسِبُونَ } [ الزمر : 47 ] ، وفي سماع هذه الآية حسرة لأصحاب الانتباه ، وفي بعض الأخبار أن قوماً من المسلمين من أصحاب الذنوب يؤمر بهم إلى النار ، فإذا وافوها يقول : مالك من أنتم ؟ فإن الذين جاءوا قبلكم من أهل النار وجوههم مسودة وعيونهم زرقاء ، وأنتم لستم بتلك الصفة ، فيقولون : ونحن لم نتوقع أن نلقاك وإنما ننتظر بأشياء أخرى ، قال الله تعالى : { وَبَدَا لَهُمْ مِّنَ ٱللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُواْ يَحْتَسِبُونَ } [ الزمر : 47 ] .