Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 39, Ayat: 41-44)
Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ إِنَّآ أَنزَلْنَا عَلَيْكَ ٱلْكِتَابَ لِلنَّـاسِ } [ الزمر : 41 ] أو للذين { نَسُواْ ٱللَّهَ فَنَسِيَهُمْ } [ التوبة : 67 ] ، ليذكرهم القرآن جواز الحق ، وما نالوا من فضل الله ، { بِٱلْحَقِّ فَـمَنِ ٱهْتَـدَىٰ } [ الزمر : 41 ] بالقرآن { فَلِنَفْسِهِ } [ الزمر : 41 ] اهتدى ؛ لأن فوائد الهداية راجعة إلى نفسه بأن تنورت بنور الهداية ، فتمحوا عنها ظلمات آثار صفاتها الحيوانية السبعية الشيطانية الموجبة لدخول النار ، { وَمَن ضَـلَّ فَإنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا } [ الزمر : 41 ] ، فإنه توكل إلى نفسه وطبيعتها ، فتغلبت عليه الصفات الذميمة ، فيكون حطب النار ، { وَمَآ أَنتَ } [ الزمر : 41 ] يا محمد ، { عَلَيْهِم بِوَكِـيلٍ } [ الزمر : 41 ] تحفظهم من النار . وبقوله : { ٱللَّهُ يَتَوَفَّى ٱلأَنفُسَ حِينَ مَوْتِـهَا وَٱلَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِـهَا فَيُمْسِكُ ٱلَّتِي قَضَىٰ عَلَيْهَا ٱلْمَوْتَ } [ الزمر : 42 ] عنده ، { وَيُرْسِلُ ٱلأُخْرَىٰ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى } [ الزمر : 42 ] ، يشير إلى أنه تعالى من عواطف إحسانه القديم في شأن العبد ورعاية صلاحه في ليله ونهاره ، وحالة نومه ويقظته ، وحين وفاته وحياته ، وبعد مماته ، { إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ } [ الزمر : 42 ] لدلالات على كمال عناية الله ونهاية لطفه وكرمه في حق عباده { لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } [ الزمر : 42 ] في هذه الإشارات المودعة وفي هذه العبارات . ثم أخبر عن جهالة العباد وضلالتهم بقوله تعالى : { أَمِ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ شُفَعَآءَ قُلْ أَوَلَوْ كَـانُواْ لاَ يَمْلِكُونَ شَيْئاً وَلاَ يَعْقِلُونَ } [ الزمر : 43 ] ، يشير إلى أن اتخاذ الأشياء للعبادة أو للشفاعة بالهوى والطبع لا بامر الله ووفق الشرع يكون ضلالة على ضلالة ، وإن المقبول في العبادة والشفاعة ما يكون بأمر الله ومتابعة نبيه على وفق الشرع ؛ وذلك لأن حجاب العبد هو الطبع والهوى ، وإنما أرسل الأنبياء لنفي الهوى ؛ ليكون حركات العبادة وسكناتهم بأمر الحق تعالى ومتابعة الأنبياء لا بأمر الهوى ومتابعة النفس ؛ لأن النفس وهواها ظلمانية ، والأمر ومتابعة الأنبياء نورانية ؛ ولهذا قال تعالى : { يُخْرِجُهُمْ مِّنَ ٱلظُّلُمَاتِ إِلَى ٱلنُّورِ } [ البقرة : 257 ] ولا تندفع الظلمة إلا بالنور . ثم اعلم أن العبادات نورانية ، والشهوات ظلمانية ، ولكن العبد إذا عبد الله بالهوى والطبع تصير عبادته ظلمانية ، وإذا جامع زوجته بالأمر على وفق الشرع تصير شهوته نورانية ، { قُل لِلَّهِ ٱلشَّفَاعَةُ جَمِيعاً } [ الزمر : 44 ] ؛ أي : هو مالك الشفاعة لا يملكها غيره ، إلا في ما ملكه الشفاعة وأذن له فيها ، { لَّهُ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } [ الزمر : 44 ] ، يشير إلى أن ما في السماوات سماوات القلوب ، والأرواح أرض النفوس ، والأشباح هو الله مالك ولا يملكه أحد ؛ لأنه عُبد ، ولا ملك لعبد فالعبد وما يملكه لمولاه ، وإنما هو عارية عندهم ، والعاري مردودة إلى مالكها ، ثم كل عبد من العباد يرجع إلى حضرة ربه ويرى أحواله ، هل ربح بما أعطي أو خسر عليه ؟ .