Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 130-131)
Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَإِن يَتَفَرَّقَا } [ النساء : 130 ] ؛ يعني : الروح والنفس بجذبات الإلوهية ، فالروح تنجذب عن النفس بجذبة دع نفسك وتعالى إلى سعة غنى الله في عالم هويته ، فيستغني عن مركب النفس بالوصول إلى المقصود ، والنفس تنجذب عن الروح بجذبة { ٱرْجِعِي إِلَىٰ رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً } [ الفجر : 28 ] إلى سعة غنى الله في عالم ، { فَٱدْخُلِي فِي عِبَادِي * وَٱدْخُلِي جَنَّتِي } [ الفجر : 29 - 30 ] ، فتستغني عن راكب الروح بعناية ، { يُغْنِ ٱللَّهُ كُلاًّ مِّن سَعَتِهِ وَكَانَ ٱللَّهُ } [ النساء : 130 ] في الأزل ، { وَاسِعاً } [ النساء : 130 ] لهما في سعة رحمته ، { حَكِيماً } [ النساء : 130 ] ، حكم عليهما بالاجتماع والافتراق ، { إِلَىٰ رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ ٱلْمَسَاقُ } [ القيامة : 30 ] . ثم أخبر عن وصاية أهل الهداية بقوله تعالى : { وَللَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ } [ النساء : 131 ] ، إشارة في الآيتين : إن لله ما في السماوات من الدرجات العلا وجنات المأوى والفردوس ، وما في الأرض من نعيم وزينتها وزخارفها ، والله مستغن عنها ، وإنما خلقها لعباده الصالحين ، كما قال تعالى : { وَسَخَّرَ لَكُمْ مَّا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ جَمِيعاً } [ الجاثية : 13 ] منه وخلق العباد لنفسه ، كما قال تعالى : { وَٱصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي } [ طه : 41 ] ، { وَلَقَدْ وَصَّيْنَا ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ } [ النساء : 131 ] ؛ يعني : جميع أهل الأديان ، { وَإِيَّاكُمْ } [ النساء : 131 ] أيها المؤمنون ، { أَنِ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } [ النساء : 131 ] ولا تطلبوا منه غيره ، فإن الله تعالى مهما يكن لكم يكن ما في السماوات والأرض لكم ، واتقوا الله من الله غير الله ، { وَإِن تَكْفُرُواْ } [ النساء : 131 ] بهذه النعمة العظيمة والكرامة الجسمية وتطلبوا غير الله فلن تجدوه { فَإِنَّ للَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ } [ النساء : 131 ] ، فلا تملكونه إلا بالله فإنه خلق لكم ، لأنكم كنتم محتاجين { وَكَانَ ٱللَّهُ } [ النساء : 131 ] في الأزل إلى الأبد { غَنِيّاً } [ النساء : 131 ] عنه وعنكم ، { حَمِيداً } [ النساء : 131 ] في ذاته وصفاته فلا يحتاج إلى أحد منكم ولا إلى أن { يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } [ الحشر : 24 ] ؛ لأنه ليس لشيء وجود حقيقي قائم بنفسه إلا بالله .