Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 154-156)
Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ثم أخبر عن بقية نتائج الكفر بقوله تعالى : { وَرَفَعْنَا فَوْقَهُمُ ٱلطُّورَ بِمِيثَاقِهِمْ } [ النساء : 154 ] والإشارة فيها لأرباب العناية هداية على هداية تكون على أصحاب الجهالة ضلالة على ضلالة قوله تعالى : { وَرَفَعْنَا فَوْقَهُمُ ٱلطُّورَ بِمِيثَاقِهِمْ وَقُلْنَا لَهُمُ ٱدْخُلُواْ } [ النساء : 154 ] ، كانت آية عظيمة من الآيات التي ابتلي بها بنو إسرائيل ، وكان من خذلانهم وشؤم كفرانهم أنهم كلما رأوا آية في الظاهر زادوا جحدهم في الباطن ، فلم ينفعهم زيادة نصب الإعلام لما لم ينفتح لشهودها بصائر قلوبهم قال الله تعالى : { وَمَا تُغْنِي ٱلآيَاتُ وَٱلنُّذُرُ عَن قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ } [ يونس : 101 ] ، فكلما ازداد جحودهم زاد بلاؤهم ، فازداد ابتلاؤهم فابتلوا بدخول { ٱلْبَابَ سُجَّداً } [ النساء : 154 ] ، فما خرجوا عن عهدته فزاد البلاء والابتلاء فابتلوا بترك اصطياد الحوت ، { وَقُلْنَا لَهُمْ لاَ تَعْدُواْ فِي ٱلسَّبْتِ } [ النساء : 154 ] ، فاعتدوا فيه فزادهم البلاء والابتلاء فابتلوا بالأخذ ، { وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِّيثَاقاً غَلِيظاً } [ النساء : 154 ] ، فنقضوا العهد وأرادوا الجحد ، فلحقهم شؤم المخالفات بترك الموافقات إلى أن جرهم إلى الكفر بالآيات ، ثم بشؤم كفرهم خذلوا حتى قتلوا الأنبياء بغير حق ، ثم بشؤم ذلك تجاسروا حتى ادعوا بشدة التفهم ، { وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ } [ النساء : 155 ] ، أدعية العلوم رد الله عليهم فقال : { بَلْ طَبَعَ ٱللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً } [ النساء : 155 ] ؛ أي : ختم قلوبهم [ بسبب ] كفرهم وسوء معاملاتهم كما قال تعالى : { بَلْ رَانَ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } [ المطففين : 14 ] محجوبون على العرفان حتى بالغوا في الخذلان وأوقعوا في البهتان كما قال تعالى : { وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَىٰ مَرْيَمَ بُهْتَاناً عَظِيماً } [ النساء : 156 ] ، فقوم تقوَّلوا على مريم فرموها بالزنا ، وآخرون جاوزوا الحد في تعظيمها فقالوا : ابنها ابن الله ، وكلا الطائفتين وقعوا في الضلال . ويقال : مريم عليها السلام كانت ولية الله ، فشقي بها فرقتان أهل الإفراط وأهل التفريط ، وكذلك كل ولي سبحانه وتعالى ، فمنكرهم شقي بترك احترامهم وطلب أذيتهم ، والذين يعتقدون فيهم مالا يستوجبون يشقون بزيادة إعظامهم ، وعلى هذه الجملة ورج الأكثرون .