Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 22-23)
Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ثم أرشدهم إلى سبيل المؤمنين وأخلاق الموحدين بقوله تعالى : { وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ ءَابَآؤُكُمْ مِّنَ ٱلنِّسَآءِ } [ النساء : 22 ] ، إشارة في الآيتين : أن الله تعالى أراد أن يطهر نفس المؤمن بأن ينفي عنها موجبات المقت وسوء السبيل ؛ وهي الفواحش استطابة للجوهر الآني ، واستنارة للنور الرباني ؛ لأنه خلق لحمل أعباء أمانة المعرفة بحبل المحبة ، ولا سبيل إلى المعرفة إلا بالوصول إلى المعروف ، ولا يمكن التحلية بالوصول إلى بعد التزكية عن مانع الوصول وهي لوث أوصاف الوجود ، " فإن الله طيب لا يقبل إلا الطيب " ، ولذلك نهاهم عن نكاح المحارم ، { وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ ءَابَآؤُكُمْ مِّنَ ٱلنِّسَآءِ إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتاً وَسَآءَ سَبِيلاً } [ النساء : 22 ] . وفيه إشارة أخرى وهي : أن العلويات وهي الآباء ، والسفليات وهي الأمهات ، وبازدواجهما خلق الله تعالى المتولدات منهما فيما بينهما ، ففي قوله تعالى : { وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ ءَابَآؤُكُمْ مِّنَ ٱلنِّسَآءِ } [ النساء : 22 ] ، إشارة إلى نهي التعلق والتصرف في السفليات التي هي الأمهات المتصرفة فيها آباءكم العلوية ، { إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ } [ النساء : 22 ] من التدبير الإلهي ، وازدواج الأرواح والأشباح بالحاجات الضروريات الإنساني منشئته منه ، { إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتاً وَسَآءَ سَبِيلاً } [ النساء : 22 ] ؛ يعني : التصرف في السفليات والتعلق بها والركون إليها ، مما يلوث الجوهر النوراني بلوث الصفات الحيوانية ويجعله سفلي الطبع بعيداً عن الحضرة ، محباً للدنيا ناسياً للموت ممقوتاً للحق ، { وَسَآءَ سَبِيلاً } [ النساء : 22 ] إلى الهداية بالضلالة . { حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ } [ النساء : 23 ] ، الآية فيها كلها إشارات إلى نهي التعلق ومنع التصرف في الأمهات السفليات ، والمتولدات من أوصاف الإنسان وصفات الحيوان وأخلاق السوء ، وترك الشهوات الدنيوية واللذات الحيوانية والتمتعات الجسمانية ، والاجتناب عن المكائد الشيطانية ، والإيذاءات السبعية ، فإن تزكية النفس بالاحتراز عن هذه الآفات والمتعلقات ، وتصفية القلب منها موجبة للتحلية بالأخلاق الروحانية والأوصاف الربانية ، { إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ غَفُوراً } [ النساء : 23 ] يستر بأنوار غفرانه ظلمات الصفات الإنسانية ، التي تتولد من تعرفات الحواس في المحسوسات عند الضرورات بالأمر لا بالطبع ، { رَّحِيماً } [ النساء : 23 ] فيما اضطرهم من التصرفات بقدر الحاجة . الضرورية .