Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 24-24)
Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَٱلْمُحْصَنَٰتُ مِنَ ٱلنِّسَآءِ } [ النساء : 24 ] ، إشارة في الآية : إن الله تعالى حرم المحصنات من النساء وهن : ذوات الأزواج على الرجال ؛ عفة للحصانة وصحة النسب ونزاهة لعرض الرجال عن خسة الاشتراك في الفراش علو الهمة ، فإن الله يحب معالي الأمور ويبغض سفاسفها ، وقال تعالى : { إِلاَّ مَا مَلَكْتَ أَيْمَٰنُكُمْ } [ النساء : 24 ] ؛ يعني : ما ملكتم بالقوة والغلبة على أزواجهن من الكفار ، واقتطاعهن من حيز الاشتراك وإفساد نسب الأولاد وتخليطه ، ولهذا أوجب الشرع فيها الاستبراء بحيضة { كِتَٰبَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ } [ النساء : 24 ] ؛ أي : كتب الله في الأزل الاجتماع بهن بعد قضاء أوطار أزواجهن منهن ، كقوله تعالى : { كَانَ ذٰلِك فِي ٱلْكِتَابِ مَسْطُوراً } [ الإسراء : 58 ] ، أو كما كان حال النبي صلى الله عليه وسلم مع زينب - رضي الله عنها - قال الله تعالى : { فَلَمَّا قَضَىٰ زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا } [ الأحزاب : 37 ] ، وفيه إشارة أخرى وهي : إن قد قدرنا أن في قوله تعالى : { وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ ءَابَآؤُكُمْ مِّنَ ٱلنِّسَآءِ } [ النساء : 22 ] ، إشارة إلى نهي التعلق والتصرف في السفليات التي هي الأمهات المتصرفة فيها آباؤكم العلوية ، فهي في الحقيقة الدنيا وما يتعلق بها ، { وَٱلْمُحْصَنَٰتُ مِنَ ٱلنِّسَآءِ } [ النساء : 24 ] ؛ وهي الدنيا بهذه المناسبة معطوفة عليها ، لا تتعلقوا وتتصرفوا في شيء من الدنيا وهي محصنة بملكية الغير ، { إِلاَّ مَا مَلَكْتَ أَيْمَٰنُكُمْ } [ النساء : 24 ] منها بطريق صالح ، { كِتَٰبَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ } [ النساء : 24 ] ؛ أي : لما كتب الله عليكم التصرف فيها ، كقوله تعالى : { وكُلُواْ وَٱشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُوۤاْ } [ الأعراف : 31 ] ؛ أي : كلوا وأشربوا بقدر الحاجة لقوام القالب إقامة لأداء الواجب عليكم ، ولا تسرفوا بالإكثار وتتبع الشهوات الحيوانية ، فتأكلوا كما تأكل الأنعام والنار مثوى لكم ، بل تصرفوا فيها بقدر تحصيل النفقة الواجبة عليكم للعيال . { وَأُحِلَّ لَكُمْ مَّا وَرَاءَ ذَٰلِكُمْ } [ النساء : 24 ] ؛ أي : ما وراء الذي أحصن بملكية الغير يتعلق حقه ونظره وهمته فإنه بقطعكم عن الحق ، { أَن تَبْتَغُواْ بِأَمْوَٰلِكُمْ } [ النساء : 24 ] ؛ أي : لتبتغوا بمالكم { مُّحْصِنِينَ } [ النساء : 24 ] ؛ يعني : حرائر من الدنيا وما فيها ، { غَيْرَ مُسَٰفِحِينَ } [ النساء : 24 ] في الطلب ؛ معناه : لا تبذلوا أنفسكم عند الخلق بطلب الشهوات ، ولا تسفحون مياه وجوهكم عند الله تعالى ؛ لنيل المرادات الإنسانية واستيفاء اللذات الحيوانية ، { فَمَا ٱسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ } [ النساء : 24 ] ؛ أي : من ضرورات الخلق من الدنيا مأكولاً ومشروباً وملبوساً ومنكوحاً على هذا الوجه ، { فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً } [ النساء : 24 ] ؛ أي : قاطعوا حقوق تلك الحظوظ بالطاعة والشكر والذكر ، كما قال صلى الله عليه وسلم : " أذيبوا طعامكم بذكر الله " ، { وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَٰضَيْتُمْ بِهِ مِن بَعْدِ ٱلْفَرِيضَةِ } [ النساء : 24 ] ؛ أي : فيما تفتدون أنفسكم من المجاهدات والرياضة ، واحتمال الأذى في الله تقرباً إلى الله تعالى من بعد أداء ما فرض الله عليكم ، { إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيماً } [ النساء : 24 ] بنياتكم وقصوركم ، { حَكِيماً } [ النساء : 24 ] فيما يهديكم إلى مطلوبكم ومقصودكم .