Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 39-41)

Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ثم أخبر عن إنفاق أهل النفاق بقوله تعالى : { وَمَاذَا عَلَيْهِمْ } [ النساء : 39 ] ، إشارة في الآيتين : إن الله تعالى يخبر عن دناءة همة الأشقياء ، وقصور نظرهم أنهم يتقنعون بقليل من الدنيا ، ويحرمون عن كثير من المقامات الأخروية السنية ، ولا ينفقون في طلب الحق ، فقال تعالى : { وَمَاذَا عَلَيْهِمْ } [ النساء : 39 ] ؛ يعني : من المشقة والنقل ظاهر ، { لَوْ آمَنُواْ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ } [ النساء : 39 ] ، ظاهراً وباطناً { وَأَنْفَقُواْ مِمَّا رَزَقَهُمُ ٱللَّهُ } [ النساء : 39 ] ؛ أي : بعض ما رزقهم الله لينالوا السعادة الكبرى والدرجات العلا . { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ } [ النساء : 40 ] ، وفيه إشارة أخرى ، { وَمَاذَا عَلَيْهِمْ } [ النساء : 39 ] ؛ أي : ليس عليهم ضرر من إنفاق ما رزقهم من المال والجاه ، والنفس في طلب الحق ، { وَلاَ يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَلاَ بِٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ } [ النساء : 38 ] ؛ أي : لو كان لهم إيمان بوجدان الله وسعادة الآخرة ، وبه طلبوه وتركوا الدنيا وتحقق لهم ؛ معنى : { وَكَانَ ٱللَّهُ بِهِم } [ النساء : 39 ] ، وإنفاقهم وقصدهم ومقصودهم وصدقهم في الطلب { عَلِيماً } [ النساء : 39 ] ، لا يخفى عليه شيء من أحوالهم ، { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ } [ النساء : 40 ] ، على عباده وطالبيه ، { وَإِن تَكُ حَسَنَةً } [ النساء : 40 ] منهم بالسعي في الطلب ، { يُضَٰعِفْهَا } [ النساء : 40 ] ، كما قال تعالى : " من تقرب إليّ شبراً تقربت إليه ذراعاً ، ومن تقرب إليّ ذراعاً تقربت إليه باعاً ، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة " ، { وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً } [ النساء : 40 ] ؛ أي : يؤتيه من جذبات العناية بجذبة عنه إليه وهو الأجر العظيم ، فافهم جيداً . ثم أخبر عن أحوال المنافقين والموافقين بقوله تعالى : { فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا } [ النساء : 41 ] ، إشارة في الآيتين : إن مرآة القلوب إذا تخلصت عن شين رين الخلق الحيواني ، وصقلت عن طمع الطبع الروحاني ، وتنورت بالنور الرباني ، ينعكس فيها نقوش ما تجري في العالمين ، وشاهدت بنور الله معاملات النقلين ، ولهذا قال من قال : لو كشف الغطاء ما ازددت يقيناً ، فقال تعالى لحبيبه محمد صلى الله عليه وسلم إظهاراً لفضله على الأنبياء - عليهم السلام - : { فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ } [ النساء : 41 ] ؛ أي : نبيهم ليشهد عليهم لإشرافه عليهم لإشرافه بمرآة القلب ونور الرب على أحوالهم ، { وَجِئْنَا بِكَ } [ النساء : 41 ] يا محمد { عَلَىٰ هَـٰؤُلاۤءِ شَهِيداً } [ النساء : 41 ] ؛ لتشهد يوم يجمع الله الرسل ، { فَيَقُولُ مَاذَآ أُجِبْتُمْ قَالُواْ لاَ عِلْمَ لَنَآ } [ المائدة : 109 ] ؛ لإشرافك على أحوالهم ولا إشراف لهم على أحوالك ، فكما أن لك فضيلة بهذا الإشراف على الأنبياء ، فكذلك لأمتك فضيلة على الأمم بالإشراف على أحوالهم ، كقوله تعالى : { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى ٱلنَّاسِ } [ البقرة : 143 ] ؛ يعني : على الأمم ، { وَيَكُونَ ٱلرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً } [ البقرة : 143 ] ؛ يعني : تشهدون أنتم على الأمم ولا يشهد عليكم إلا رسولكم ، وهو { بِٱلْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ } [ التوبة : 128 ] .