Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 40, Ayat: 23-27)
Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ثم أخبر عن أهل الإعراض والاعتراض بقوله : { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ * إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَقَارُونَ فَقَالُواْ سَاحِرٌ كَـذَّابٌ } [ غافر : 23 - 24 ] ، يشير إلى أنه تعالى من عواطف إحسانه يرسل أفضل خلقه في وقته إلى من أرذل خلقه ، ويبعث أخص عباده إلى أحسن عباده ؛ ليدعوه إلى حضرة جلاله لإصلاح حاله بفضله ونواله ، والبعد عن خسة طبعه وركاكة عقله يقابله بالتكذيب وينسبه إلى السحر ، والله سبحانه وتعالى إظهاراً لحلمه وكرمه لم يعجل عقوبته ويمهل إلى أوانه ظهور شقوته ، فيجعله مظهر صفة قهره ، وليبلغ موسى عليه السلام كمال سعادته فيجعله مظهر صفة لطفه . { فَلَمَّا جَآءَهُمْ بِٱلْحَقِّ مِنْ عِندِنَا } [ غافر : 25 ] ؛ يعني : موسى عليه السلام ومعه التوراة والمعجزات ، قالوا : لاستكمال شقاوتهم ؛ يعني : فرعون وقومه ، { قَالُواْ ٱقْتُلُوۤاْ أَبْنَآءَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ وَٱسْتَحْيُواْ نِسَآءَهُمْ } [ غافر : 25 ] ، عزم على إهلاك موسى وقومه ، واستعان على ذلك بجهده وحيله ورجاله إتماماً لاستحقاقهم العذاب وللرد من حفظ الحق تعالى كان كما قال : { وَمَا كَـيْدُ ٱلْكَافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ } [ غافر : 25 ] في ازدياد ناقداً لهم به ، يشير إلى أن من حفر بئراً لولي من أولياء الله ما يقع فيه إلا حافره ، بذلك أجرى الحق تعالى سنته . { وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِيۤ أَقْتُلْ مُوسَىٰ وَلْيَدْعُ رَبَّهُ } [ غافر : 26 ] ، فمن عمي قلبه ظن أن الله يذره أن يقتل موسى بحوله وقوته أن تذره وقومه ، ولم يعلم أن الله يهلكه وقومه ، وينجي موسى وقومه وهو يقول : { إِنِّيۤ أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُـمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي ٱلأَرْضِ ٱلْفَسَادَ } [ غافر : 26 ] ولم يخف هلاك نفسه ، وهلاك قومه وفساد حالهم في الدارين ، { وَقَالَ مُوسَىٰ إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُـمْ مِّن كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لاَّ يُؤْمِنُ بِيَوْمِ ٱلْحِسَابِ } [ غافر : 27 ] ، فأعاذه الله من شرهم وأمَّنهم من كيدهم .