Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 40, Ayat: 52-59)

Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ثم قال : { يَوْمَ لاَ يَنفَعُ ٱلظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ ٱلْلَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوۤءُ ٱلدَّارِ } [ غافر : 52 ] به يشير إلى حاصل أمر النفس وظلمها على القلب ، ودليل الخطاب أن المؤمنين ينفعهم معذرتهم ، ولهم من الله الرحمة ولهم حسن الدار . قوله : { وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى ٱلْهُدَىٰ } [ غافر : 52 ] ، يشير إلى موسى القلب أنه يهديه الله إلى حضرته بجذبات ألطافه وتجلى صفات جلاله وجماله ، ولا هادي له غيره ، { وَأَوْرَثْنَا } [ غافر : 53 ] من بعد موسى ؛ أي : من بعد إصلاح حال موسى القلب بالهداية والوصول ، { بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ } [ غافر : 53 ] ؛ أي : أرباب الطلب ، { ٱلْكِتَابَ } [ غافر : 53 ] ، { هُدًى وَذِكْرَىٰ } [ غافر : 54 ] ؛ أي : ما يكتب وينقل من أحوال كمالات القلب ورفعة درجات يكون سبب هدايتهم ، وتذكيراً { لأُوْلِي ٱلأَلْبَابِ } [ غافر : 54 ] ؛ وهم أرباب القلوب المستعدة لقبول الفيض الإلهي . وبقوله : { فَٱصْبِرْ } [ غافر : 55 ] على أذاهم يشير إلى قلب الطالب الصادق بالصبر على ذي النفس ، والهوى ، والشيطان ، { إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ } [ غافر : 55 ] في نصرة القلب المجاهد مع كافر النفس وظفره عليها ، { وَٱسْتَغْفِـرْ لِذَنبِكَ } [ غافر : 55 ] ؛ أي : مما سرى إليك من صفات النفس في تخلقه بأخلاقها فاستغفره لهذا الذنب فإنه صدأ مرآة القلب ، { وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِٱلْعَشِيِّ وَٱلإِبْكَارِ } [ غافر : 55 ] ؛ أي : بدوام الطاعات وملازمة الأذكار تصفوا مرآة القلب من صدأ الأخلاق الذميمة . وبقوله : { إِنَّ ٱلَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِيۤ آيَاتِ ٱللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ } [ غافر : 56 ] ، يشير إلى مدعي أهل الطلب ومجادلتهم مع أرباب الحقائق فيما { أَتَاهُمْ } [ غافر : 56 ] الله من فضله بغير حجة وبرهان بل { حَسَداً مِّنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ } [ البقرة : 109 ] ، { إِن فِي صُدُورِهِمْ إِلاَّ كِبْرٌ } [ غافر : 56 ] ؛ أي : ليس مانعهم في قبول الحق ، وتصديق الصديقين ، وتسليمهم فيما يبشرون إليه في الحقائق والمعاني أكبر مما كان وصف إبليس إذ { أَبَىٰ وَٱسْتَكْبَرَ } [ البقرة : 34 ] ، و { قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ } [ الأعراف : 12 ] وهذه الصفة مركوزة في النفوس كلها ؛ ولهذا المعنى بعض الجهلة المغترين بالعلوم ينكرون على بعض مقالات المشايخ الراسخين في العلم . وبقوله : { مَّـا هُم بِبَالِغِيهِ } [ غافر : 56 ] ، يشير إلى أن المدعين الكذابين لهذا الحديث المنكرين على أرباب الحقائق لا يصلون إلى مرادهم ولا يدركون مرتبتهم ؛ ولهذا قال بعض المشايخ : لا تنكر فإن الإنكار شؤم ، والمنكر من هذا الحديث محروم ثم قال : { فَٱسْتَعِذْ بِٱللَّهِ } [ غافر : 56 ] أيها الطالب المحق من شر نفسك ، والنفوس المتمردة ، وجميع آفات تعوقك عن الحق ، وتقطع عليك طريق الحق تعالى : { إِنَّـهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ } [ غافر : 56 ] للحاجات ، { ٱلْبَصِيرُ } [ غافر : 56 ] العليم بقضائها . وبقوله : { لَخَلْقُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ أَكْـبَرُ مِنْ خَلْقِ ٱلنَّاسِ } [ غافر : 57 ] ، يشير إلى منكري البعث أنهم يقرون أن الله خلق السماوات والأرض ، وينكرون مرة أخرى يوم البعث ، فخلق السماوات والأرض ابتدءاً وابتداعاً أعظم من خلق الناس ، وبعثهم وخلقهم مرة أخرى { وَلَـٰكِنَّ أَكْـثَرَ ٱلنَّاسِ } [ غافر : 57 ] من أهل الغفلة ، { لاَ يَعْلَمُونَ } [ غافر : 57 ] أن الإعادة أهون من البداية في خلق من لم يكن شيئاً .