Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 40, Ayat: 65-67)

Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ثم قال : { هُوَ ٱلْحَيُّ } [ غافر : 65 ] ؛ أي : له الحياة الحقيقة الأزلية الأبدية ، ومن هو حي بإحيائه من نور صفاته ، كما قال تعالى : { فَأَحْيَيْنَٰهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً } [ الأنعام : 122 ] ، ويشير بقوله : { لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ } [ غافر : 65 ] بعد قوله : { هُوَ ٱلْحَيُّ } [ غافر : 65 ] ، إلى أن الذي يحيي بحياته ونور صفاته لما يبلغ رتبة الإلهية ، { فَـٱدْعُوهُ } [ غافر : 65 ] بالإلهية { مُخْلِصِينَ } [ غافر : 65 ] عن حبس الوجود ، { لَهُ ٱلدِّينَ } [ غافر : 65 ] ؛ أي : المقرين له بالعبودية من غير دعوى بالربوبية كمن ادعى بها بقوله : أنا الحق ، وقول من قال : سبحاني ما أعظم شأني ، { ٱلْحَـمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } [ غافر : 65 ] ؛ يعني : فيما أنزلكم وبلغكم مقام الوحدة بفضله ورحمته لأنه مقام لا وسع للإنسان في بلوغه بمجرد سعيه من دون فضل ربه . ثم قال : { قُلْ } [ غافر : 66 ] يا محمد { إِنِّي نُهِيتُ } [ غافر : 66 ] ، مع جلال قدري واختصاصي بالحبيبية { أَنْ أَعْبُدَ ٱلَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ } [ غافر : 66 ] ؛ أي : يثبتون له الإلهية في مقام الواحد عن غلبات السكر من الذات الشراب الطهور الذي سقاكم ربكم في أقداح تجلي صفاته بقوله : " أنا الحق سبحاني " وما يعد له { لَمَّا جَآءَنِيَ ٱلْبَيِّنَـٰتُ مِن رَّبِّي } [ غافر : 66 ] ؛ أي : من تجلي ذاته وصفاته إذا اكتال علي بأوفى الكيل أصفى الشراب { وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ ٱلْعَـٰلَمِينَ } [ غافر : 66 ] . ثم يشير به إلى أنه صلى الله عليه وسلم مع كمال نبوته ورسالته وقربه بربه وعظم قدره عنده لو لم يسلم لرب العالمين بالعبودية لم يكن مسلماً . ثم أخبر عن أطوار خلقة الإنسان بالشرح والبيان بقوله تعالى : { هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن تُرَابٍ } [ غافر : 67 ] ، يشير إلى خلق قالب الإنسان وبدء أمره من الذرة الترابية ، استخراجها من صلب آدم { ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ } [ غافر : 67 ] ؛ أي : أودعها في قطرة نطفة أبيه { ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ } [ غافر : 67 ] خلقها علقة في بطن أمه { ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً } [ غافر : 67 ] من بطون أمهاتكم { ثُمَّ لِتَـبْلُغُوۤاْ أَشُدَّكُـمْ ثُمَّ لِتَكُـونُواْ شُيُوخاً } [ غافر : 67 ] ففي كل طور من هذه الأطوار اختصكم بخاصية لم توجد في غيركم ، وكل واحد منها خزانة الله تعالى فيها لطفه وقهره مودع ، فمنكم المجذوبون ومنكم المخذولون : فالمجذوبون : هم المسلكون المصعدون الطائرون بجناحي لطفه وقهره إلى أعلى مراتب القرب . والمخذولون : هم المهبطون المخسفون السائرون بقدمي لطفه وقهره إلى أسفل مدارج البعد . وذلك قوله : { وَمِنكُمْ مَّن يُتَوَفَّىٰ مِن قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوۤاْ أَجَلاً مُّسَمًّى } [ غافر : 67 ] ؛ أي : من القرب والبعد { وَلَعَلَّـكُمْ تَعْقِلُونَ } [ غافر : 67 ] تفهمون طريق القرب فتسعون فيه ، وتلهمون طريق البعد فتعرضون عنه .