Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 41, Ayat: 25-29)
Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وبقوله : { وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَآءَ } [ فصلت : 25 ] يشير إلى أنه تعالى إذا أراد بعبد سوء قيض له إخوان وقرناء شرهم الأضداد لهم فيما رموا ، وإذا أراد بعبد خيراً قيض له قرناء خيراً يعينونه على الطاعة ، ويحملونه عليها ، ويدعونه إليها ، وإذا كان إخوان سوء يحملونه على المخالفات ويدعونه إليها ومن ذلك الشيطان ، فإنه مقيض على الإنسان مسلط يوسوس إليه بالمخالفات ، وشر من ذلك النفس الأمارة بالسوء ، وبئس القرين النفس تدعو اليوم إلى ما فيه هلاكها وهلاك العبد ، وتشهد غداً عليه بما دعته إليه ، وشر قرين للمرء نفسه ، ثم الشياطين ، ثم شياطين الإنس { فَزَيَّنُواْ لَهُم مَّا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ } [ فصلت : 25 ] من طول الأمل { وَمَا خَلْفَهُمْ } [ فصلت : 25 ] من نسيان الزلل ، والتسويف في التوبة ، والتقصير في الطاعة { وَحَقَّ عَلَيْهِمُ ٱلْقَوْلُ } [ فصلت : 25 ] بالتقدير الأزلي { فِيۤ أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمْ مِّنَ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنْسِ } [ فصلت : 25 ] بالشقاوة ، { إِنَّهُمْ كَانُواْ خَاسِرِينَ } [ فصلت : 25 ] بإفساد استعدادهم الفطري . ثم أخبر عن أحوال أهل الكفر ومقالهم بقوله تعالى : { وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لاَ تَسْمَعُواْ لِهَـٰذَا ٱلْقُرْآنِ وَٱلْغَوْاْ فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ } [ فصلت : 26 ] يشير إلى طبيعة النفوس المتمردة الأمارة بالسوء إن من شأنها : انتشار الهواجس النفسانية ، وإلقاء الخواطر المنتسبة من الأوصاف الحيوانية ، وإثارة الوساوس الشيطانية والهجو من الكلام ، وإنشاء اللغو والباطل ، وحديث النفس على الدوام اشتغالاً للقلوب بها عن استماع الإلهامات الربانية والإشارات الوحدانية ؛ لعلها تغلب على القلوب والأرواح ، وتسلب العقول والأفهام ، ولم تعلم أن القلوب التي نورت بالإيمان وأبدت بعواطف الإحسان ، والأرواح التي كوشفت بعوارف الحرمان ولطائف العيان ؛ فهي التي شرفت بسماع أسرار الغيب المبرأة عن الريب ، والقلوب التي هي في ظلمات جهلها لا يدخل الإيمان فيها ، ولا يباشر السماع سرها . وبقوله : { فَلَنُذِيقَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ عَذَاباً شَدِيداً } [ فصلت : 27 ] يشير إلى أنه تعالى إذا تجلى على النفوس الكافرة المتمردة يعذبها بها عذاباً شديداً يؤدي إلى إفنائها ، ثم قال : { وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ ٱلَّذِي كَانُواْ يَعْمَلُونَ } [ فصلت : 27 ] ؛ أي : نجزي النفوس بسطوة نار نور التجلي عند احتراق صفاتها وإفناء ذواتها ، { أَسْوَأَ } ما كانت تعمل في شغل القلوب عن استماع كلام الحق ، { ذَلِكَ جَزَآءُ أَعْدَآءِ ٱللَّهِ } [ فصلت : 28 ] ؛ أي : النفوس المتمردة ، { ٱلنَّارُ } [ فصلت : 28 ] نار أنوار التجلي { لَهُمْ فِيهَا } [ فصلت : 28 ] ما يشاءون ، { دَارُ الخُلْدِ } [ فصلت : 28 ] ؛ أي : بدوام التجلي في مقام التمكن { جَزَآءً بِمَا كَانُوا بِآياتِنَا } [ فصلت : 28 ] من شواهد الحق { يَجْحَدُونَ } [ فصلت : 28 ] ينكرونها لئلا يصل إلى القلوب . وبقوله : { وَقَال الَّذِينَ كَفَرُواْ رَبَّنَآ أَرِنَا ٱلَّذَيْنِ أَضَلاَّنَا } [ فصلت : 29 ] يشير إلى أن النفوس إذا فنيت عن أوصافها بنار أنوار التجلي ، وذاقت حلاوة الشرب تلتمس من ربها اطلاعها على بقايا الأوصاف الشيطانية والحيوانية التي جبلت النفوس عليها ؛ ليمكنها منها ، فتجعلها تحت أقدام جهة إفنائها فيعلوا بها إلى مقامات القرب ، كما قال تعالى : { ٱرْجِعِي إِلَىٰ رَبِّكِ } [ الفجر : 28 ] وذلك قوله : { أَرِنَا ٱلَّذَيْنِ أَضَلاَّنَا مِنَ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ ٱلأَسْفَلِينَ } [ فصلت : 29 ] ؛ أي : ليكونا من الأعلين إذا كانا تحت أقدامنا .