Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 42, Ayat: 27-31)

Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وبقوله : { وَلَوْ بَسَطَ ٱللَّهُ ٱلرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْاْ فِي ٱلأَرْضِ } [ الشورى : 27 ] يشير إلى تسلية الفقير كأنه يقول : إنما لم أبسط أيها الفقير ، عليك الدنيا لما كان لي من العلوم إن وسعت عليك لطغوت وسعيت في الأرض بالفساد ، ويشير أيضاً إلى وعيد الحريص على الدنيا لئلا ينتبه عن نومة الغفلة ويتحقق له أن لو بسط الله له الرزق بحسب حرصه على الطلب ؛ لكان سبب بغيه وطغيانه وفساد حاله فيكن فائزة حرصه على الدنيا ، ثم قال : { وَلَـٰكِن } وهي كلمة استدراك ، إن لم أوسع عليك الرزق لصلاح حالك لم أضع عنك الكل ، { وَلَـٰكِن يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَّا يَشَآءُ } [ الشورى : 27 ] ؛ لعلمه بصلاح حالك ، { إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ } [ الشورى : 27 ] . وبقوله : { وَهُوَ ٱلَّذِي يُنَزِّلُ ٱلْغَيْثَ مِن بَعْدِ مَا قَنَطُواْ وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ } [ الشورى : 28 ] يشير إلى أن العبد إذا ذبل غصن وقته ، وتكدر صفو ورده ، وكسف شمس أنسه ، وبعد بالحضرة وساحات القرب عهده ، فربما ينظر الحق بنظر رحمته فينزل على سره أمطار الرحمة ويعود عوده طرياً وينبت من مشاهد أنسه ورداً جنياً ، وأنشدوا : @ أقْــــــــبِلْ فَقَـــــــــــد أعْيَـــــــــى الــــــــــــــصُّدُوْدُ وَلَعَـــــــــــلَّ أيْــــ ـَامِــــــــــــي تَعــــــــودْ وَلَعَـــــــلَّ عَهْـــــدَكَ باللـــــو ى يحْيُـــــي العهـــــــودْ والغـــــصن ينــــشد تـــــارة وتــــراه مخـــــضر تمـــــــيدْ @@ { وَهُوَ ٱلْوَلِيُّ } [ الشورى : 28 ] لطالبيه ، { ٱلْحَمِيدُ } [ الشورى : 28 ] في توليتهم ، وبقوله : { وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِن دَآبَّةٍ } [ الشورى : 29 ] يشير إلى سماوات الأرواح وأرض الأجساد { وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِن دَآبَّةٍ } النفوس والقلوب فلا مناسبة بين كل واحد منهم ، فإن بين الأرواح والأجساد بوناً بعيداً في المعنى ؛ لأن الجسد من أسفل سافلين والروح من أعلى عليين ، والنفس تميل إلى الشهوات الحيوانية الدنياوية ، والقلب يميل إلى الشواهد الروحانية الأخروية الربانية ، { وَهُوَ عَلَىٰ جَمْعِهِمْ } [ الشورى : 29 ] على طلب الدنيا وزينتها ، وعلى طلب الآخرة ودرجاتها ، وعلى طلب الحضرة وقرباتها { إِذَا يَشَآءُ قَدِيرٌ } [ الشورى : 29 ] ، { وَمَآ أَصَـٰبَكُمْ مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ } [ الشورى : 30 ] يسلى به قلوب العباد وأهل المصائب ؛ يعني : إذا أصابتكم مصيبة الذنوب والمعاصي موجبة للعقوبة الأخروية الأبدية تداركنا بإصابة المصيبة الدنيوية الفانية ؛ ليكون جزاءً لما يذر منكم من سوء الأدب ، وتطهيراً لما تلوثتم به من المعاصي ، ثم إذا كثرت الأسباب من البلايا على عبد وتوالت عليه ذلك فليكفر في أفعاله المذمومة ، كم يحصل منه حتى يبلغ جزاء ما يفعل مع العفو الكثير بقوله : { وَيَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ } [ الشورى : 30 ] هذا المبلغ ، فعند هذا يزداد حزنه وأسفه وخجله لعلمه بكثرة ذنوبه وعصيانه وغاية كرم الله ، { وَمَآ أَنتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي ٱلأَرْضِ وَمَا لَكُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ مِن وَلِيٍّ } [ الشورى : 31 ] يمنعكم مني { وَلاَ نَصِيرٍ } [ الشورى : 31 ] ينصركم على أو على أنفسكم أو على غيركم .