Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 42, Ayat: 39-44)
Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ثم أخبر عن انتصار ذوي الأبصار بقوله تعالى : { وَٱلَّذِينَ إِذَآ أَصَابَهُمُ ٱلْبَغْيُ } [ الشورى : 39 ] يشير إلى أرباب القلوب الذين أصابهم الظلم من قبل أنفسهم ، { هُمْ يَنتَصِرُونَ } [ الشورى : 39 ] من الظالم ، وهو نفسهم بكبح عنانها عن الركض في ميدان المخالفة ، { وَجَزَآءُ سَيِّئَةٍ } [ الشورى : 40 ] صدرت من النفس من قبل الحرص والشهوة ، أو الغضب ، أو البخل ، أو الجبن ، أو الحسد ، أو الكبر والغل { سَيِّئَةٌ } [ الشورى : 40 ] تصدر من القلب { مِّثْلُهَا } [ الشورى : 40 ] ؛ أي : مثل ما يصادف علاجها ؛ أي : بصد تلك الأوصاف فإن العلاج بأضدادها ، ولا يجاوز عن حد المعالجة في رياضة النفس وجهادها ، فإن لنفسك عليك حقاً ، { فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ } [ الشورى : 40 ] ؛ أي : عفا عن المبالغة في رياضة النفس وجهادها بعد أن تصلح النفس بعلاج أضداد أوصافها ، { فَأَجْرُهُ عَلَى ٱللَّهِ } [ الشورى : 40 ] بأن يتصف بصفاته فإن من صفاته العفو ، وهو عفو يحب العفو فيكن العبد العفو محبوباً لله تعالى ، { إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلظَّالِمِينَ } [ الشورى : 40 ] الذين يضعون شدة الرياضة على النفس موضع العفو ، { وَلَمَنِ ٱنتَصَرَ } [ الشورى : 41 ] من القلوب على النفوس { بَعْدَ ظُلْمِهِ } [ الشورى : 41 ] ؛ أي : بعد أن ظلم النفس عليه ، { فَأُوْلَـٰئِكَ } [ الشورى : 41 ] ؛ يعني : النفوس { مَا عَلَيْهِمْ مِّن سَبِيلٍ } [ الشورى : 41 ] ؛ يعني : من القلوب على النفوس المرتاضة المطمئنة بذكر الله ، { إِنَّمَا ٱلسَّبِيلُ } [ الشورى : 42 ] للقلوب على النفوس ، { ٱلَّذِينَ يَظْلِمُونَ ٱلنَّاسَ } [ الشورى : 42 ] ؛ أي : القلوب { وَيَبْغُونَ } [ الشورى : 42 ] ويظلمون { فِي ٱلأَرْضِ } [ الشورى : 42 ] أرض القلوب { بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ } [ الشورى : 42 ] أي : أتوا بغير المأذون لهم من الأفعال الخبيثة والأوصاف الذميمة ، { أُوْلَـٰئِكَ } [ الشورى : 42 ] ؛ أي : النفوس { لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } [ الشورى : 42 ] هي الرياضات الشديدة الأليمة على خلاف هواها ، { وَلَمَن صَبَرَ } [ الشورى : 43 ] على الرياضة { وَغَفَرَ } [ الشورى : 43 ] ؛ أي : لمن غفر من القلوب ؛ أي : عفا عن النفوس المرتاضة { إِنَّ ذَلِكَ } [ الشورى : 43 ] ؛ أي : ذلك الصبر والمغفرة { لَمِنْ عَزْمِ ٱلأُمُورِ } [ الشورى : 43 ] ؛ يعني : الأمور المحمودة عند الله ، { وَمَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ } [ الشورى : 44 ] من النفوس الأمارة بالسوء { فَمَا لَهُ مِن وَلِيٍّ } [ الشورى : 44 ] من القلوب والأرواح بأن يخرجه من الأمارية ، { مِّن بَعْدِهِ } [ الشورى : 44 ] ؛ أي : من بعد الله فله أن يخرجه من الصفة الأمارية كما قال : { إِنَّ ٱلنَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِٱلسُّوۤءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيۤ } [ يوسف : 53 ] ؛ أي : إلا ما يخرجها برحمته عن الصفة الأمارية ولهذا المعنى قال : { ٱللَّهُ وَلِيُّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُمْ مِّنَ ٱلظُّلُمَاتِ إِلَى ٱلنُّورِ } [ البقرة : 257 ] ، { وَتَرَى ٱلظَّالِمِينَ } [ الشورى : 44 ] من النفوس التي لم تقبل الصلاح بالعلاج في الدنيا ، { لَمَّا رَأَوُاْ ٱلْعَذَابَ } [ الشورى : 44 ] يوم القيامة { يَقُولُونَ هَلْ إِلَىٰ مَرَدٍّ مِّن سَبِيلٍ } [ الشورى : 44 ] ؛ لنقبل الصلاح بعلاج الرياضات الشرعية والمجاهدات الطريفة .