Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 44, Ayat: 1-10)

Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ حـمۤ * وَٱلْكِتَابِ ٱلْمُبِينِ } [ الدخان آية 1 - 2 ] ، يشير بالحاء إلى حاء حقيقته ، بالميم إلى ميم محبته ومعناه : بحقي ومحبتي لعبادي ، وكتابي العزيز إليهم المبين لهم ، أن لا أعذب أهل محبتي بفرقتي ، { إِنَّآ أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ } [ الدخان : 3 ] ليلة ذات بركة وقدر ؛ لأنها ليلة افتتاح الوصلة ، وأشد الليالي بركةً وقدراً ليلة يكون العبد فيها حاضراً ببقائه ، مشاهداً لربه ، يتنعم بأنوار الوصلة ويجد فيها نسيم القربة ، وأحوال هذه الطائفة في لياليهم مختلفة كما قالوا : @ لا أظلم الليل ولا أدّعي إن نجوم الليل ليست تغورْ ليلي كما شأت فإن لم تجد طال وإن جادت فليلي قصير @@ { إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ } [ الدخان : 3 ] للطالبين المشتاقين ؛ لئلا يقطع عليهم طريق الوصلة قواطع الكونين ، { فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ } [ الدخان : 4 ] ؛ أي : يفصل في هذه الليلة كل أمر صادر بالحكمة من السماء في السنة من أقسام الحوادث في الخير والشر ، والمحن والمنن ، والنصرة والهزيمة ، والخصب والقحط ، ولهؤلاء القوم من الحجب والجذب ، والوصل والفصل ، والوفاق والخلاف ، والتوفيق والخذلان ، والقبض والبسط ، والستر والتجلي منكم ، بين عبد ينزل له الحكم والقضاء بالشقاء والبعد ، وآخر نزل حكمه بالوفاء والدقة ، { أَمْراً مِّنْ عِنْدِنَآ } [ الدخان : 5 ] نازلاً بالحكمة البالغة منا ، { إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ } [ الدخان : 5 ] محمداً صلى الله عليه وسلم رحمة مهداة { رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ } [ الدخان : 6 ] ؛ ليخرج المشتاقين من ظلمات المفارقة إلى نور المواصلة ، وأيضاً { إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ } رحمة لنفوس أوليائنا بالتوفيق ، ولقلوبهم بالتحقيق ، { إِنَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ } [ الدخان : 6 ] لأنين المشتاقين ، { ٱلْعَلِيمُ } [ الدخان : 6 ] بحنين المحبين ، { رَبِّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ } [ الدخان : 7 ] سماوات الأرواح ، { وَٱلأَرْضِ } [ الدخان : 7 ] أرض الأشباح ، { وَمَا بَيْنَهُمَآ } [ الدخان : 7 ] من القلوب والأسرار والنفوس ، ويدخل فيه مكاسب العباد فإنه يملكها بمعنى قدرته عليها ، وإذا حصل مقدوره في الوجود دل على أنه مفعوله ؛ لأن معنى الفعل مقدور وجد من فاعل ، { إِن كُنتُم مُّوقِنِينَ } [ الدخان : 7 ] ، { لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ } [ الدخان : 8 ] ؛ أي : لا يتصرف في الإيجاد والتغيير في حال إلى حال إلا هو ، { يُحْيِـي } [ الدخان : 8 ] قلوب أوليائه بنور محبته وتجلي صفات جماله ، { وَيُمِيتُ } [ الدخان : 8 ] نفوسهم بتجلي صفات جلاله ، { رَبُّكُمْ } [ الدخان : 8 ] أو رب آدم وأولاده ، { وَرَبُّ آبَآئِكُمُ ٱلأَوَّلِينَ } [ الدخان : 8 ] ؛ أي : رب آباء العلوية ، { بَلْ هُمْ } [ الدخان : 9 ] هذا خطاب الغائبين ؛ أي : أهل الغيبة { فِي شَكٍّ } [ الدخان : 9 ] ؛ لغيبتهم عن الحق ، { يَلْعَبُونَ } [ الدخان : 9 ] وصف أهل الشك والنفاق باللعب وذلك لترددهم وتجرئهم في أمر الدين ، واشتغالهم بالدنيا ، واغترارهم بزينتهما . وبقوله : { فَٱرْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي ٱلسَّمَآءُ بِدُخَانٍ مُّبِينٍ } [ الدخان : 10 ] ، يشير إلى مراقبة سماء القلب عن تصاعد دخان أوصاف البشرية .