Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 45, Ayat: 33-37)
Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُواْ } [ الجاثية : 33 ] ؛ أي : أثمر لهم في الآخرة ما زرعوا في مزرعة الدنيا بأعمالهم السيئة ، { وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ } [ الجاثية : 33 ] ، أهل الحق { وَقِيلَ ٱلْيَوْمَ نَنسَاكُمْ } [ الجاثية : 34 ] ، من الرحمة { كَمَا نَسِيتُمْ لِقَآءَ يَوْمِكُمْ هَـٰذَا } [ الجاثية : 34 ] ؛ أي : كما زرعتم في مزرعة الدنيا بذر النسيان أثمركم في الآخرة ثمرة النسيان ، { وَمَأْوَاكُمُ ٱلنَّارُ } [ الجاثية : 34 ] ؛ لأنها مأوى من نسينا ، كما أن الجنة مأوى من ذكرنا ، { وَمَا لَكُمْ مِّن نَّاصِرِينَ } [ الجاثية : 34 ] ؛ ليخلصوكم منها ، { ذَلِكُم } [ الجاثية : 35 ] ؛ أي : أصابكم ذلكم { بِأَنَّكُمُ ٱتَّخَذْتُمْ ءَايَٰتِ ٱللَّهِ } [ الجاثية : 35 ] ، التي رأيتم على مخلص عبادنا ، { هُزُواً وَغَرَّتْكُمُ ٱلْحَيَاةُ ٱلدُّنْيَا } [ الجاثية : 35 ] ؛ إذ ما قبلتم وصيتنا إذ قلنا ؛ فلا تغرنك بالحياة ، { فَٱلْيَوْمَ لاَ يُخْرَجُونَ مِنْهَا } [ الجاثية : 35 ] ؛ من نار قهرنا ؛ لأنكم دخلتم فيها على قدمي الحرص والشهوة فيها ، { وَلاَ هُمْ يُسْتَعَتَبُونَ } [ الجاثية : 35 ] في الرجوع إلى الجنة على قدمي الإيمان والعمل الصالح . { فَلِلَّهِ ٱلْحَمْدُ رَبِّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ } [ الجاثية : 36 ] ؛ أي : رب سماوات القلوب يربيها بين إصبعي اللطف والقهر ، إن شاء أقامها ليكون مظهراً لصفات اللطف ، وإن شاء أزاغها ليكون مظهراً لصفات القهر ، { وَرَبِّ ٱلأَرْضِ } [ الجاثية : 36 ] ؛ أي : رب أرض النفوس ينبت فيه ما يشاء من شجرة الكفر والإيمان ونبات السعادة والشقاوة ، كما هو { رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } [ الجاثية : 36 ] ، يخلق فيها ما يشاء من أصناف المخلوقات . { وَلَهُ ٱلْكِبْرِيَآءُ فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ } [ الجاثية : 37 ] ، بأنهما مظهر صفات عظمته وجلاله وعزته وكبريائه ؛ يعني : إذا تجلى الحق - عز وعلا - بصفة من صفاته لمرآة قلب عبد من عباده ، إنما يتجلى بحسب استعداد مرآة قلب العبد لا بحسب كمالية صفاته ؛ فإن له تعالى بكل صفة كبرياء وعظمة لا نهاية لها ، وإنه لو تجلى بصفة من صفاته بعظمتها وكبريائها ؛ لاضمحلت الموجودات وتلاشت المكونات ، ألا ترى أن النبي صلى الله عليه وسلم أخرج أنملة إبهامه فوضعه على نصف أنملة خنصره ، وقال : " تجلى نور الربوبية هذا المقدار للجبل جعله دكاً وخر موسى صعقاً " ، وكبرياء كل صفة من صفاته بأنه لا أول لها ولا مبدأ لها ، بل هي أبدية صمدية وسرمدية ؛ ولهذا قال : " الكبرياء ردائي والعظمة إزاري ، فمن نازعني واحداً منها ألقيته في جهنم " ؛ فلهذه [ الخصوصية ] للعبد أن يخلق بكل خلق من أخلاق الحق تعالى ، ولكنه محال أن يتخلق بهذين الخُلقين ؛ لأنهما أزلي أبدي لا يتطرق إليهما التغير وفي خلق العبد تغير ، وله بداية ونهاية وله مبدئ ومعيد ، { وَهُوَ ٱلْعِزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } [ الجاثية : 37 ] .