Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 45, Ayat: 28-32)

Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ثم أخبر عن أحوال القيامة وأهوالها بقوله تعالى : { وَتَرَىٰ كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أمَّةٍ تُدْعَىٰ إِلَىٰ كِتَابِهَا } [ الجاثية : 28 ] ، يشير إلى عجز العباد ، وألاَّ قوة لهم فيما كتب الله عليهم في الأزل ، وألاَّ يصيبهم في الدنيا والآخرة إلا ما كتب الله لهم ، وهذا حقيقة قوله : { كُلُّ أمَّةٍ تُدْعَىٰ } في أعمالهم ، { كِتَابِهَا } الذي كتب الله لهم في الأزل فيعلمون به ، ثم يوم القيامة يقال لهم : { ٱلْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } [ الجاثية : 28 ] ، { هَـٰذَا كِتَابُنَا } ؛ يعني : الذي كتبنا عليكم في الأزل بما تعملون ، إلى الأبد ينطق عليكم بالحق أنكم عملتم ما كتبنا لكم ، { إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ } [ الجاثية : 29 ] ، بقلم أفعالكم على صحيفة أعمالكم من كتابنا ، الذي كتبنا لكم { مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } على وفق مشيئتنا ومقتضى حكمتنا . { فَأَمَّا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ } [ الجاثية : 30 ] ، التي سبقت غضبه في حقهم ليكونوا مظهراً لصفات لطفه ، { ذَلِكَ هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْمُبِينُ } [ الجاثية : 30 ] بالعناية السابقة لهم ، { وَأَمَّا ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ } [ الجاثية : 31 ] بالحكمة الأزلية والإرادة القديمة ؛ ليكونوا مظهراً لصفات قهره ، يقال لهم : { أَفَلَمْ تَكُنْ ءَايَٰتِى تُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ فَٱسْتَكْبَرْتُمْ } [ الجاثية : 31 ] أن تقولوا : لا إله إلا الله ؛ لأنكم ما كنتم أهلاً لها ، { وَكُنتُمْ قَوْماً مُّجْرِمِينَ } [ الجاثية : 31 ] مستعدين للإباء والاستكبار ؛ ولهذا المعنى { وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ وَٱلسَّاعَةُ لاَ رَيْبَ فِيهَا قُلْتُم مَّا نَدْرِي مَا ٱلسَّاعَةُ إِن نَّظُنُّ إِلاَّ ظَنّاً وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ } [ الجاثية : 32 ] ، لعدم نور اليقين .