Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 46, Ayat: 1-5)

Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ حـمۤ * تَنزِيلُ ٱلْكِتَابِ مِنَ ٱللَّهِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْحَكِيمِ } [ الأحقاف : 1 - 2 ] ، يشير إلى أن حميت قلوب أهل عنايتي عن آفات صفات النفس الأمارة بالسوء ، فصرفت عنها خواطر النظر إلى الدنيا وما فيها ، ووجهتها للحضرة الربانية ، وثبتها على مشاهدة اليقين بنور التحقيق ؛ فلاح فيها شواهد برهانهم ، فأضفنا بها لطائف إحساننا ، فكمل منالها من عين الوصلة ، وغديناهم بنسيم الأنس في ساحات القربة ، وربيناهم بـ { تَنزِيلُ ٱلْكِتَابِ } للتأدب بآدبه والتخلق بأخلاقه { مِنَ ٱللَّهِ ٱلْعَزِيزِ } ؛ المعز للمؤمنين بإنزال الكتب عليهم ، { ٱلْحَكِيمِ } لكتابه عند التبديل والتغير والنسخ . وبقوله : { مَا خَلَقْنَا ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَآ إِلاَّ بِٱلْحَقِّ } [ الأحقاف : 3 ] ، يشير إلى أن المخلوقات كلها ما خلقت إلا لمعرفة الحق تعالى ، قال تعالى : " فخلقت الخلق لأعرف " ، { وَأَجَلٍ مُّسَمًّى } [ الأحقاف : 3 ] ، لمعرفة كل عارف ، { وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ عَمَّآ أُنذِرُواْ مُعْرِضُونَ } [ الأحقاف : 3 ] ؛ ليكونوا مظهر صفات قهره ليعرف أنه تعالى قهار ، وفيه إشارة إلى أن الإعراض عما انذروا به كفر . بقوله : { قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ } [ الأحقاف : 4 ] ، يشير إلى كل ما يعبد من دون الله من الهوى والشيطان والدنيا والأصنام ، { أَرُونِي مَاذَا خَلَقُواْ مِنَ ٱلأَرْضِ } ؛ أي : من أرض النفوس ، كما خلقتها { أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ } [ الأحقاف : 4 ] ؛ أي : في سماوات القلوب ؛ ليخلقوا فيها من الحق والباطل ، كما أن القلوب بيد الله يقلبها كيف يشاء ؛ فإن شاء أقامه للحق وإن شاء أزاغه للباطل . { ٱئْتُونِي بِكِتَابٍ } [ الأحقاف : 4 ] من عند الله يا عبدة غير الله ، هل لكم فيه دليل على عبادة غير الله ، { مِّن قَبْلِ هَـٰذَآ أَوْ أَثَارَةٍ مِّنْ عِلْمٍ } [ الأحقاف : 4 ] من المعقول والمنقول والمكاشف والمشاهد بتجويز العبادة لغير الله ، { إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } [ الأحقاف : 4 ] فيما يعبدون من دون الله . { وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَن لاَّ يَسْتَجِيبُ لَهُ } [ الأحقاف : 5 ] ؛ أي : من لا قدرة له على الاستجابة { إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ } [ الأحقاف : 5 ] ، ويدعو دعاء الذي يقول : { ٱدْعُونِيۤ أَسْتَجِبْ لَكُمْ } [ غافر : 60 ] ، { وَهُمْ عَن دُعَآئِهِمْ غَافِلُونَ } [ الأحقاف : 5 ] ؛ أي : عن استجابة دعائهم عاطلون .