Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 46, Ayat: 6-10)
Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَإِذَا حُشِرَ ٱلنَّاسُ } [ الأحقاف : 6 ] ؛ أي : إذا نشر عن نوم غفلتهم ، بل أحيوا بحياة الله { كَانُواْ لَهُمْ أَعْدَآءً وَكَانُواْ بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ } [ الأحقاف : 6 ] ، كما كان حال إبراهيم عليه السلام إذ قال : { فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِيۤ إِلاَّ رَبَّ ٱلْعَالَمِينَ } [ الشعراء : 77 ] ، وقال : { وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ } [ الأنعام : 19 ] . { وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلْحَقِّ لَمَّا جَآءَهُمْ هَـٰذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ } [ الأحقاف : 7 ] ؛ ذلك لأنهم عموا عن رؤية الحق وصمُّوا عن سماع الحق ، فرموا رسلنا بالسحر وكلامنا بالافتراء ، كما قال : { أَمْ يَقُولُونَ ٱفْتَرَاهُ قُلْ } [ الأحقاف : 8 ] ، يا محمد { إِنِ ٱفْتَرَيْتُهُ فَلاَ تَمْلِكُونَ لِي مِنَ ٱللَّهِ شَيْئاً } [ الأحقاف : 8 ] ، أن يدفعوا عني عذابه { هُوَ أَعْلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِ } [ الأحقاف : 8 ] ، في حقي وفيما تظنون { كَفَىٰ بِهِ } [ الأحقاف : 8 ] ؛ أي : بالله { شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ } [ الأحقاف : 8 ] ؛ أي : هو يجازيني إن كنت ساحراً أو مفترياً ، وإن كنت صادقاً فيما جئت به منه فهو يكافئني ، { وَهُوَ ٱلْغَفُورُ } [ الأحقاف : 8 ] ، المخلص مع عباده { ٱلرَّحِيمُ } [ الأحقاف : 8 ] بهم . ثم أخبر عن حال الرسالة بقوله تعالى : { قُلْ مَا كُنتُ بِدْعاً مِّنَ ٱلرُّسُلِ } [ الأحقاف : 9 ] ، يشير إلى أني لست بأول رسول أرسلت ، ولا بغير ما جاءوا في أصول التوحيد ، حيث إنما أمرتكم بالإخلاص في التوحيد والتصديق في العبودية ، " وبعثت لأتمم مكارم الأخلاق " ، { وَدَاعِياً إِلَى ٱللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُّنِيراً } [ الأحزاب : 46 ] بنور الفيض الإلهي ؛ لتكونوا مستفيضين من نور سراجي بمصباح قلوبكم فتضيء بنار النور الإلهية ، { نُّورٌ عَلَىٰ نُورٍ يَهْدِي ٱللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَآءُ } [ النور : 35 ] . وبقوله : { وَمَآ أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلاَ بِكُمْ } [ الأحقاف : 9 ] ، يشير إلى فساد أهل القدر والبدع ، حيث قالوا إيلام البريء قبيح في العقل فلا يجوز ؛ لأنه لو لم يجوز ذلك لكان يقول : اعلم قطعاً أني رسول الله معصوم ؛ فلا محالة يغفر لي ، ولكنه قال : { وَمَآ أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلاَ بِكُمْ } ليعلم أن الأمر أمره ، والحكم حكمه ، له أن يفعل بعباده ما يريد ، ولا يسأل عما يفعل ، { إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَىٰ إِلَيَّ } [ الأحقاف : 9 ] ؛ بخاصة نفسي مستسلماً لأحكامه الأزلية ، { وَمَآ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ مُّبِينٌ } [ الأحقاف : 9 ] ، لكم أرسلت إليكم مبلغاً ، وليس إليَّ من الهداية شيء ، ولكن الله يهدي من يشاء . وبقوله : { قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن كَانَ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّن بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ عَلَىٰ مِثْلِهِ } [ الأحقاف : 10 ] ، يشير إلى أنه لا عذر له بحال ولا أمان لهم من عقوبة الله ، وما يستروحون إليه من حججهم عند أنفسهم كلها في التحقيق باطل ، إذا شهد على مثله شاهد { فَآمَنَ وَٱسْتَكْبَرْتُمْ } [ الأحقاف : 10 ] ، استكبار إبليس جحوداً وعناداً { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ } [ الأحقاف : 10 ] ، الذين يضعون الجحد والعناد موضع الإقرار والتسليم .