Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 47, Ayat: 1-4)

Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ } [ محمد : 1 ] ، يشير إلى كفر النفوس المجبولة عليه وضد القلوب المجبولة على طلب الحق عن السير في سبيل الله ، بالهواجس النفسانية ودواعي البشرية والشهوات الحيوانية { أَضَلَّ أَعْمَٰلَهُمْ } [ محمد : 1 ] ؛ أي : أضل الله أعمالهم ليكون في طلب الحق تعالى ، ويجعلها في إتباع الهوى وطلب الدنيا وزينتها وشهواتها . { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ } [ محمد : 2 ] بالله ، { وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ } [ محمد : 2 ] في طلب الله ، { وَآمَنُواْ بِمَا نُزِّلَ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ } [ محمد : 2 ] من بيان السير إلى الله والدلالات إلى الحق ، { وَهُوَ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ } [ محمد : 2 ] ؛ أي : أمنوا بأنه الحق وعملوا به في طلب الحق ، { كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ } [ محمد : 2 ] ؛ أي : محا وصقل عن مرآة قلوبهم صدأ الكفر والإنكار ، { وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ } [ محمد : 2 ] ؛ أي : أصلح قلبهم ؛ ليكون قابلاً للفيض الإلهي بلا واسطة . { ذَلِكَ بِأَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱتَّبَعُواْ ٱلْبَاطِلَ } [ محمد : 3 ] وهو الهوى والدنيا ، { وَأَنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱتَّبَعُواْ ٱلْحَقَّ مِن رَّبِّهِمْ } [ محمد : 3 ] ، وهو صدق الطلب بجهاد النفس ومخالفة الهوى بجذبة الحق تعالى ، { كَذَلِكَ يَضْرِبُ ٱللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ } [ محمد : 3 ] ؛ ليهتدوا بالمثال المطابق في الصورة إلى حقائق عالم المعالي . وبقوله : { فَإِذَا لَقِيتُمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَضَرْبَ ٱلرِّقَابِ } [ محمد : 4 ] ، يشير إلى كافر النفس حيثما وجدتموه ، وهو يمد رأسه إلى مشرب من مشارب الدنيا ونعيمها ، فضرب الرقاب ؛ أي : فاضربوا عن ذلك الرأس ، وادفعوه عن ذلك المشرب ، { حَتَّىٰ إِذَآ أَثْخَنتُمُوهُمْ } [ محمد : 4 ] ؛ أي : غلبتموهم وسخرتموهم ، { فَشُدُّواْ ٱلْوَثَاقَ } [ محمد : 4 ] ؛ أي : شدوهم بوثاق أركان الشريعة وآداب الطريقة ، فإن بهذين الجناحين يطير صاحب الهمم العلية إلى عالم الحقيقة ، { فَإِمَّا مَنًّا } [ محمد : 4 ] على النفوس { بَعْدُ } [ محمد : 4 ] الوصول بترك المجاهدة ، { وَإِمَّا فِدَآءً } [ محمد : 4 ] بكثرة العبادة ؛ عوضاً عن ترك بعد الظفر بالنفوس ؛ ولتأمل النفوس بسيف المخالفة ، فإن في مذهب أرباب الطلب يجوز كل ذلك بحسب نظر كل مجتهد ، فإن كل مجتهد منهم نصيب { حَتَّىٰ تَضَعَ ٱلْحَرْبُ أَوْزَارَهَا } [ محمد : 4 ] إلى أن يقصد القاصد المقصود ، ويجد الطالب المطلوب ، ويصل العاشق المعشوق ، فإن جرى على النفس بعد الظفر بها مسامحة في إعفاء ساعة وإفطار يوم ؛ ترويحاً للنفس من الكد وإحماءها للحواس ، قوةً لها على الجهد فيما يستقبل من الأمر ، فذلك على ما يحصل به الاستصواب من شيخ المريد ، أو فتوى لسان القوم أو فراسة صاحب الوقت ، { ذَلِكَ } [ محمد : 4 ] الذي ذكرت من طرف العبد ، { وَلَوْ يَشَآءُ اللَّهُ لاَنْتَصَرَ مِنْهُمْ } [ محمد : 4 ] ؛ يعني : بقهر النفس يتجلى صفات الجلال بغير سعي المجاهدة في القتال ، { وَلَـٰكِن لِّيَبْلُوَاْ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَٱلَّذِينَ قُتِلُواْ } [ محمد : 4 ] ؛ يعني : في النفوس { فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ } [ محمد : 4 ] في طلب الحق تعالى ، { فَلَن يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ } [ محمد : 4 ] من بذل الوجود في طلب المعبود .