Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 47, Ayat: 5-11)
Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ سَيَهْدِيهِمْ } [ محمد : 5 ] إلى حضرة الربوبية بجذبة { ٱرْجِعِي إِلَىٰ رَبِّكِ } [ الفجر : 28 ] { وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ } [ محمد : 5 ] أي : يجعلهم قابضي فيض الإلوهية { وَيُدْخِلُهُمُ ٱلْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ } [ محمد : 6 ] ؛ أي : بالجذبة عرف النفوس قبول الفيض الإلهي . ثم أخبر أن النصر في النصرة بقوله تعالى : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِن تَنصُرُواْ ٱللَّهَ يَنصُرْكُمْ } [ محمد : 7 ] ، يشير إلى أنكم إن وجدتم في أنفسكم شيئاً يحرضكم على نصرة الله ، فذلك من أثر نصرة الله إياك ، فإنه قد نصركم بالتوفيق لنصرة الحق ، فأما نصرة الله من العبد على وجهين : صورة ومعنى . أما نصرته في الصورة : نصرة دينه بإيضاح الدليل وتبينه ، وشرح فرائضه وسننه وإظهار معانيه وأسراره وحقائقه ، ثم بالجهاد والغزو لإعلاء كلمته وقمع أعداء الدين . وأما نصرته في المعنى : فبإفناء ناسوتيته في لاهوتيته ؛ ليبقى بعد فناء خلقه . وأما نصرة الله للعبد أيضاً على وجهين : صورة ومعنى . أما نصرته للعبد في الصورة : فبإرسال الرسل وإنزال الكتب ، وإظهار الإعجاز والآيات ، وبتبيين السبل إلى النعيم والجحيم وحضرة الكريم ، ثم بالأمر ؛ أي : وأمر في الجهاد الأصغر والأكبر ، وتوفيق المسعى فيهما طلب الرضاء لا تبعاً لهواه ، وبإظهاره على أعداء الدين وقهرهم في إعلاء كلمة الله العليا . وأما نصرته للعبد في المعنى : فيأتيه أو يشده في إفناء وجوده الفاني في وجوده الباقي ، بتجلي صفات جماله وجلاله ، { وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ } [ محمد : 7 ] في الجهاد الأصغر والأكبر ؛ لئلا تزول عن التوحيد والوحدة ، { وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } [ محمد : 8 ] من النفوس السائرة بالحق يقيم صفاتها الذميمة ، { فَتَعْساً لَّهُمْ } [ محمد : 8 ] طرداً وبعداً من جوار الحق ، { وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ } [ محمد : 8 ] عن طريق الحق والصواب ، { ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُواْ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ } [ محمد : 9 ] من موجبات مخالفات النفس والهوى وموافقات الشرع ومتابعة الأنبياء ، { فَأَحْبَطَ أَعْمَٰلَهُمْ } [ محمد : 9 ] ؛ لشوبها ما بالشرك والرياء والتصنيع والهوى . { أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ } [ محمد : 10 ] تسلكوا في أرض البشرية ، { فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ } [ محمد : 10 ] من القلوب والأرواح ، لما تابعوا الهوى وتأولوا بحب الدنيا { دَمَّرَ ٱللَّهُ عَلَيْهِمْ } [ محمد : 10 ] ، وأهلكهم في أودية الرياء وبوادي البدعة والضلالة ، { وَلِلْكَافِرِينَ } [ محمد : 10 ] النفوس اللئام في طلب المرام { أَمْثَالُهَا } [ محمد : 10 ] من الضلال والهلاك . { ذَلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ مَوْلَى ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } [ محمد : 11 ] ؛ أي : ناصرهم على طلب الحق ومؤيدهم بالوصول والوصال ، { وَأَنَّ ٱلْكَافِرِينَ لاَ مَوْلَىٰ لَهُمْ } [ محمد : 11 ] ؛ أي : ما هو بناصر لهم ، فصاروا أهل الخذلان والخسران .