Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 47, Ayat: 20-25)
Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ثم أخبر عن أمارة أهل الوفاق وأهل النفاق بقوله تعالى : { وَيَقُولُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لَوْلاَ نُزِّلَتْ سُورَةٌ } [ محمد : 20 ] ؛ يعني : نأمر بالجهاد ، يشير إلى أن من أمارات الإيمان تمني الجهاد ؛ شوقاً إلى لقاء الله عز وجل . وبقوله : { فَإِذَآ أُنزِلَتْ سُورَةٌ مُّحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا ٱلْقِتَالُ رَأَيْتَ ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ ٱلْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ ٱلْمَوْتِ } [ محمد : 20 ] ، يشير إلى أن من أمارات الكفر والنفاق كراهية الجهاد كراهة للموت ، كما أن من أمارات الإيمان تمني الموت ، كما قال تعالى : { فَتَمَنَّوُاْ ٱلْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } [ الجمعة : 6 ] ، وقال الكفار ولا يتمنوه أبداً ، { فَأَوْلَىٰ لَهُمْ } [ محمد : 20 ] ؛ أي : فأولى بهم { طَاعَةٌ } [ محمد : 21 ] منهم لله ولرسوله { وَقَوْلٌ مَّعْرُوفٌ } [ محمد : 21 ] ، بالإجابة لما أمروا بالجهاد ، { فَإِذَا عَزَمَ ٱلأَمْرُ } [ محمد : 21 ] ؛ أي : جد الأمر وافترض القتال في الجهادين . وبقوله : { فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ } [ محمد : 22 ] ، يشير إلى أرباب الطلب وأصحاب المجاهدة ، إن أعرضتم عن طلب الحق تعالى : { أَن تُفْسِدُواْ فِي ٱلأَرْضِ } [ محمد : 22 ] ، أرض قلوبكم بإفساد استعدادها لقبول الفيض الإلهي ، { وَتُقَطِّعُوۤاْ أَرْحَامَكُمْ } [ محمد : 22 ] مع أهل الحب في الله ؛ فتكونوا في سلك { أَوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ لَعَنَهُمُ ٱللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَىٰ أَبْصَارَهُمْ } [ محمد : 23 ] . وهذا كما قال الجنيد : لو أقبل صديق على الله ألف سنة ، ثم أعرض عنه لحظة فإن ما فاته أكثر مما ناله ، { أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ ٱلْقُرْآنَ } [ محمد : 24 ] ، فإن فيه شفاء من كل داء ؛ ليقضي بهم إلى حسن العرفان ، ويخلصهم من سجن الهجران ، { أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَآ } [ محمد : 24 ] ، أقفل الحق على قلوب أهل الهوى ، فلا يدخلها زواجر التنبيه ، ولا ينبسط عليها شعاع العلم ، ولا يحصل لهم فهم الخطاب ، وإذا كان الباب مقفلاً فلا الشك والإنكار الذي فيها يخرج ، ولا الصدق واليقين الذي هم يدعون إليه يدخل في قلوبهم . وبقوله تعالى : { إِنَّ ٱلَّذِينَ ٱرْتَدُّواْ عَلَىٰ أَدْبَارِهِمْ مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ ٱلْهُدَى ٱلشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَىٰ لَهُمْ } [ محمد : 25 ] ، يشير إلى الذي يطلع فجر طلبه ، ويتلألأ نور التوحيد في قلبه ، ثم قبل سوغ نهار إيمانه تغيم سماء قلبه من منشأ نزعات الشيطان وتسويلاته ، وانكسف شمس طلبه ، وأظلم نهار عرفانه ، ودجى ليل سكره ، وغابت نجوم عقله ؛ فحدث عن بحر ظلماتهم ولا حرج .