Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 48, Ayat: 12-15)

Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وبقوله : { بَلْ ظَنَنْتُمْ أَن لَّن يَنقَلِبَ ٱلرَّسُولُ وَٱلْمُؤْمِنُونَ إِلَىٰ أَهْلِيهِمْ أَبَداً وَزُيِّنَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنتُمْ ظَنَّ ٱلسَّوْءِ وَكُنتُمْ قَوْماً بُوراً } [ الفتح : 12 ] ، يشير إلى أن كل من خلق أن يصيبه في الغزو قتلاً وجراحة أو ما يكره من المصائب ، ثم يتخلف عن الغزو فإنه من الهالكين ، وقد استولى الشيطان على قلبه فزين في قلبه الحياة الدنيا ؛ ليؤثرها على الحياة الأخروية ، التي وعدت الشهداء الدرجات العلا في الجنة والقربات في جوار الحق تعالى . وبقوله : { وَمَن لَّمْ يُؤْمِن بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّآ أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَعِيراً } [ الفتح : 13 ] ، يشير إلى أن سعير النفوس ونوران شعلة صفاتها اعتدناها مستولية على قلوب من لم يؤمن بالله ورسوله ، فمن أطفأ سعير نفسه وشعلة صفاتها بماء الذكر وترك الشهوات يؤمن قلبه وينجو من سعير نفسه . { وَلِلَّهِ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } [ الفتح : 14 ] ؛ أي : ملك سماوات القلوب وأرض النفوس ، { يَغْفِرُ } [ الفتح : 14 ] نفس { لِمَن يَشَآءُ } [ الفتح : 14 ] ، ويزكيها عن الصفات الذميمة ، ويجعلها مطمئنة قابلة لجذبة : { ٱرْجِعِي } [ الفجر : 28 ] ، { وَيُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ } [ الفتح : 14 ] باستيلاء صفات النفس عليها وبقلبه ، كما لم يؤمن به أبداً { وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً } [ الفتح : 14 ] القلب من يشاء ، { رَّحِيماً } [ الفتح : 14 ] لنفس من يشاء ، يؤتي ملك نفس من يشاء لقلبه ، وينزع ملك قلب من يشاء ويؤتي لنفسه . { سَيَقُولُ ٱلْمُخَلَّفُونَ } [ الفتح : 15 ] ؛ أي : النفس المتمردة { إِذَا ٱنطَلَقْتُمْ } [ الفتح : 15 ] ؛ أي : إذا انطلقت القلوب المجذوبة إلى حضرة الربوبية { إِلَىٰ مَغَانِمَ } [ الفتح : 15 ] مواهب الحق تعالى إلى مغانم ؛ { لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَن يُبَدِّلُواْ كَلاَمَ ٱللَّهِ } [ الفتح : 15 ] ؛ أي : في حقهم ، وهو قوله : { إِنَّ ٱلنَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِٱلسُّوۤءِ } [ يوسف : 53 ] ، { قُل } [ الفتح : 15 ] ، يا قلب السليم للنفس المتمردة ، { لَّن تَتَّبِعُونَا } [ الفتح : 15 ] في طلب الحق تعالى ، { كَذَٰلِكُمْ قَالَ ٱللَّهُ مِن قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ } [ الفتح : 15 ] النفوس ، { بَلْ تَحْسُدُونَنَا } [ الفتح : 15 ] أيها القلوب ، { بَلْ كَانُواْ لاَ يَفْقَهُونَ } [ الفتح : 15 ] ؛ يعني : النفوس { إِلاَّ قَلِيلاً } [ الفتح : 15 ] ، وهو المتاع الدنيا ؛ يعني : لا يتجاوز ميمَّة النفوس عن المتاع الدنيوي القليل .