Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 48, Ayat: 16-19)

Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ثم أخبر عن قتال ناس أولي بأس بقوله تعالى : { قُل لِّلْمُخَلَّفِينَ مِنَ ٱلأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَىٰ قَوْمٍ أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ } [ الفتح : 16 ] ، يشير إلى أن النفوس المتخلفة عن الطاعات والعبادات من الفرائض والنوافل لو دعيت إلى الجهاد في سبيل الله ، والجهاد الأكبر وهو جهاد النفس والشيطان والدنيا ، { تُقَاتِلُونَهُمْ } بنهي النفس عن الهوى وترك الدنيا وزينتها ، فإذا أجابوا أو أطاعوا فقد استوجبوا الأجر الحسن ، وذلك قوله : { فَإِن تُطِيعُواْ يُؤْتِكُمُ ٱللَّهُ أَجْراً حَسَناً وَإِن تَتَوَلَّوْاْ كَمَا تَوَلَّيْتُمْ مِّن قَبْلُ } [ الفتح : 16 ] ؛ أي : إن أعرضتم عن الجهاد كما أعرضتم عن الطاعات والعبادات ، { يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً } [ الفتح : 16 ] ، يتألمون به في الدنيا والآخرة . وبقوله : { لَّيْسَ عَلَى ٱلأَعْمَىٰ حَرَجٌ وَلاَ عَلَى ٱلأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلاَ عَلَى ٱلْمَرِيضِ حَرَجٌ } [ الفتح : 17 ] ، يشير إلى أن أصحاب الأعذار من أرباب الطلب ، فمن عرض له مانع يعجزه عن السير بلا عزيمة منه ، وهمته في الطلب ورغبته في السير وتوجهه إلى الحق باقٍ فلا حرج عليه فيما يعتريه ، فيكون أجره على الله ، وذلك قوله : { وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ } [ الفتح : 17 ] ؛ يعني : بقدر الاستطاعة { يُدْخِلْهُ جَنَّٰتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَٰرُ وَمَن يَتَوَلَّ } [ الفتح : 17 ] ؛ يعني : يعرض عن الله وينقض عهد الطلب ، { يُعَذِّبْهُ عَذَاباً أَلِيماً } [ الفتح : 17 ] . وبقوله : { لَّقَدْ رَضِيَ ٱللَّهُ عَنِ ٱلْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ ٱلشَّجَرَةِ } [ الفتح : 18 ] ، يشير إلى أن الله تعالى بفضله وكرمه رضي عنهم أولاً ؛ ليكونوا مؤمنين ، ويبايعونك ثانياً ، ولولا سبقت رضاه لم يؤمنوا ولم يبايعوك ، { فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ } [ الفتح : 18 ] من الضعف والعجز الإنساني ؛ { فَأنزَلَ ٱلسَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ } [ الفتح : 18 ] ، إذا نظر إلى قلوبهم بنظر الرضاء ، { وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً } [ الفتح : 18 ] من مغانم الدنيا والآخرة ، وذلك قوله : { وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَان ٱللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً } [ الفتح : 19 ] ، أعزهم بالمغانم في الدنيا والآخرة حكيماً في جميع أفعاله مع عباده .