Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 48, Ayat: 1-5)
Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً } [ الفتح : 1 ] ، يشير إلى فتح باب قلبه صلى الله عليه وسلم إلى حضرة ربوبيته بتجلي صفات جماله وجلاله ، وفتح ما انغلق على جميع القلوب ، وتفصيل شرائع الإسلام ، وغير ذلك من فتوحات قلبه ؛ { لِّيَغْفِرَ لَكَ ٱللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ } [ الفتح : 2 ] ؛ أي : ليستر لك بأنوار جلاله ما تقدم من ذنب وجودك من بدء خلق روحك ، وهو أول شيء تعلقت به القدرة ، كما قال : " أول ما خلق الله روحي " ، وفي رواية : " نوري " . { وَمَا تَأَخَّرَ } [ الفتح : 2 ] ؛ أي : من ذنب وجودك إلى الأبد ، وذنب الوجود هو إلى الأبد ، وذنب الوجود هو الشركة في الوجود وغفره ستره بنور الوحدة ؛ لمحو آثار ظلمة الاثنينية ، { وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ } [ الفتح : 2 ] ، وهي نور وحدانيته كما قال تعالى : { وَٱللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ } [ الصف : 8 ] ؛ ولهذا سماه الله نوراً بقوله : { قَدْ جَآءَكُمْ مِّنَ ٱللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ } [ المائدة : 15 ] . { وَيَهْدِيَكَ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً } [ الفتح : 2 ] ؛ أي : يهديك بجذبات ألطافه على صراط مستقيم عنايته إلى ذاته وصفاته ، { وَيَنصُرَكَ ٱللَّهُ نَصْراً عَزِيزاً } [ الفتح : 3 ] ؛ أي : ينصرك ببذل وجودك المجازي في وجوده العزيز الحقيقي . { هُوَ ٱلَّذِيۤ أَنزَلَ ٱلسَّكِينَةَ } [ الفتح : 4 ] من أنوار ولاية نبوته { فِي قُلُوبِ ٱلْمُؤْمِنِينَ } [ الفتح : 4 ] بتوجه قلوبهم إلى الإيمان بنبوته ؛ { لِيَزْدَادُوۤاْ إِيمَٰناً } [ الفتح : 4 ] ؛ أي : إيماناً بنبوته { مَّعَ إِيمَٰنِهِمْ } [ الفتح : 4 ] بالله ، والسكينة : ما يسكن إليه القلب من أنوار الإيمان والإيقان والعرفان بالدلائل والبرهان والعرفان بمشاهدة العيان ، بل الاستغراق في بحر العين بلا أين { وَلِلَّهِ جُنُودُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } [ الفتح : 4 ] ؛ أي : كلها دالة على وحدانيته ، وهي جنود الله بالنصرة لعباده بالظفر بمعرفته ، { وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيماً } [ الفتح : 4 ] بمن هو أهل النصرة للمعرفة { حَكِيماً } [ الفتح : 4 ] فيما حكم في الأزل لهم . { لِّيُدْخِلَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ } [ الفتح : 5 ] ؛ أي : { إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً } [ الفتح : 1 ] ؛ ليغفر لك الله وليدخل المؤمنين والمؤمنات بتبعيتك { جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ } [ الفتح : 5 ] بستر ذنوبهم وبحطها عنهم ، ويزكيهم عن أخلاقهم الذميمة كما فعل بك ، { وَكَانَ ذَلِكَ عِندَ ٱللَّهِ } [ الفتح : 5 ] ، لهم { فَوْزاً عَظِيماً } [ الفتح : 5 ] ؛ إذ فازوا بالنعيم المقيم وجوار الله العظيم .