Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 48, Ayat: 20-23)

Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ثم أخبر عن وعد المغانم ونيل الغنائم بقوله تعالى : { وَعَدَكُمُ ٱللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا } [ الفتح : 20 ] ، يشير إلى ما وعد الله عباده من المغانم الكثيرة بقوله : { ٱدْعُونِيۤ أَسْتَجِبْ لَكُمْ } [ غافر : 60 ] ، يأخذونها كل واحد بحسب مطرح نظره وعلو همته ، فمن كانت همته الدنيا تعجل لكم هذه ، ومن كانت همته الآخرة ، { فَعَجَّلَ لَكُمْ هَـٰذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ ٱلنَّاسِ عَنْكُمْ } [ الفتح : 20 ] ؛ أي : أيدي دواعي شهوات النفس عنكم ؛ لتكونوا من أهل الجنة لقوله : { وَنَهَى ٱلنَّفْسَ عَنِ ٱلْهَوَىٰ * فَإِنَّ ٱلْجَنَّةَ هِيَ ٱلْمَأْوَىٰ } [ النازعات : 40 - 41 ] ، ولو وكلكم إلى أنفسكم لاتبعتم الشهوات ؛ وهي : دركات الجحيم إذ حفت النار بالشهوات ، { وَلِتَكُونَ } [ الفتح : 20 ] في ترك الدنيا وشهوات النفس { آيَةً لِّلْمُؤْمِنِينَ } [ الفتح : 20 ] ، يهتدون بهديكم ، { وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً } [ الفتح : 20 ] إلى حضرة الربوبية . وذلك قوله : { وَأُخْرَىٰ لَمْ تَقْدِرُواْ عَلَيْهَا } [ الفتح : 21 ] ؛ أي : أنتم تقدرون سلوك طريق الجنة على قدمي الإيمان والعمل الصالح ، ولا يقدرون على سلوك طريق الوصول إلى الحضرة ، { قَدْ أَحَاطَ ٱللَّهُ بِهَا } [ الفتح : 21 ] بتجلي صفات جماله وجلاله ، { وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ } [ الفتح : 21 ] من أنواع التجلي بحسب استعداد كل طالب له ، { قَدِيراً } [ الفتح : 21 ] بأن يتجلى له ، وهي المغانم الكثيرة على الحقيقة . { وَلَوْ قَـٰتَلَكُمُ ٱلَّذِينَ كفَرُواْ } [ الفتح : 22 ] من نفوسكم المتمردة { لَوَلَّوُاْ ٱلأَدْبَارَ } [ الفتح : 22 ] ؛ لأني ناصركم على قتال نفوسكم ، { ثُمَّ لاَ يَجِدُونَ } [ الفتح : 22 ] من دوني { وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً } [ الفتح : 22 ] ينصرهم . { سُنَّةَ ٱللَّهِ ٱلَّتِي قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلُ } [ الفتح : 23 ] ؛ يعني : في التقدير الأزلي { وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ ٱللَّهِ تَبْدِيلاً } [ الفتح : 23 ] إلى الأبد ، فإن المنصور من نصره الله وإن المقهور من قهره الله .