Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 49, Ayat: 16-18)

Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وبقوله : { قُلْ أَتُعَلِّمُونَ ٱللَّهَ بِدِينِكُمْ } [ الحجرات : 16 ] ، يشير إلى أن التوفيق في الأمور الدنيا وحقيقتها معتبر واجب وموكولة إلى الله ؛ فالأسامي منه توجد والأحكام منه تطلب وأمره يتبع ، { وَٱللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي ٱلسَّمَاوَاتِ } [ الحجرات : 16 ] سماوات القلوب من استعدادها في العبودية ، { وَمَا فِي ٱلأَرْضِ } [ الحجرات : 16 ] أرض النفوس من تمردها عن العبودية ، { وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ } [ الحجرات : 16 ] جبلت القلوب والنفوس عليه { عَلِيمٌ } [ الحجرات : 16 ] ؛ لأنه تعالى أودعه فيها عند تخمير طينة آدم بيده . { يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُواْ } [ الحجرات : 17 ] ؛ أي : استسلم لك ظاهرهم ، { قُل لاَّ تَمُنُّواْ عَلَيَّ إِسْلاَمَكُمْ } [ الحجرات : 17 ] ؛ أي : تسليم ظاهركم لي ؛ لأنه ليس هذا من طبيعة نفوسكم المتمردة ، { بَلِ ٱللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلإِيمَانِ } [ الحجرات : 17 ] ، إذا كتب في قلوبكم الإيمان ؛ فانعكس نور الإيمان من مصباح قلوبكم إلى مشكاة نفوسكم ، فتنورت واستضاءت بنور الإسلام ، فإسلامكم في الظاهر من فرع الإيمان الذي أودعت في باطنكم { إِن كُنْتُمْ صَادِقِينَ } [ الحجرات : 17 ] في دعوى الإيمان . { إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ غَيْبَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ } [ الحجرات : 18 ] ؛ أي : ما غاب عن سماوات القلوب وما حضرها ، { وَٱلأَرْضِ } [ الحجرات : 18 ] ما غاب عن أرض النفوس وما حضرها ، { وَٱللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } [ الحجرات : 18 ] في الظاهر أنه من نتائج ما أودعته في باطنهم ، فمن لاحظ شيئاً من أعماله وأحواله ، فإن رآها من نفسه كان شركاً ، وإن رآها لنفسه كان مكراً ، وإن رآها من ربه لربه كان توحيداً ، وفقنا الله لذلك بمنه وكرمه وجوده .