Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 49, Ayat: 1-4)

Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُقَدِّمُواْ بَيْنَ يَدَيِ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } [ الحجرات : 1 ] ، يشير إلى شهادة المنادي بالشرف : لا تقدموا أمر عمل المكلف قدم الإكرام بالشرف على إلزام الكلف ؛ أي : لا تقدموا حكمكم برأيكم وعقلكم بين يدي الله ورسوله ؛ أي : لا تقضوا أمراً دون الله ورسوله ، ولا تعملوا في أمر الدين من ذات أنفسكم شيئاً ، وقفوا حيثما وقفتم ، وافعلوا ما به أمرتم ؛ أي : اعملوا بالشرع لا بالطبع في طلب الحق ، وكونوا أصحاب الاقتداء والاتباع لا أرباب الابتداء والابتداع . وبقوله تعالى : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَرْفَعُوۤاْ أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ ٱلنَّبِيِّ } [ الحجرات : 2 ] ، يشير إلى أنه من شرط المؤمن ألاَّ يرى رأيه وعقله واختياره فوق رأي النبي صلى الله عليه وسلم والشيخ ، ويكون مستسلماً لما فيه مصلحته ، ويحفظ الأدب في خدمته وصحبته ، { وَلاَ تَجْهَرُواْ لَهُ بِٱلْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ } [ الحجرات : 2 ] ؛ أي : لا تخاطبوه كخطاب بعضكم لبعض ، بل خاطبوه بالتعظيم والتبجيل ، ولا تنظروا إليه بالعين التي تنظرون إلى أمثالكم ، وأنه بحسن خلقه يلاينكم ، ولا تنبسطوا معه متجاسرين بما يعاشركم به من تخلقه ، ولا تبدؤه بحديث حتى يفاتحكم ، { أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ } [ الحجرات : 2 ] بسوء الأدب وترك الحرمة ، { وَأَنتُمْ لاَ تَشْعُرُونَ } [ الحجرات : 2 ] لا تقفون عليه . { إِنَّ ٱلَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِندَ رَسُولِ ٱللَّهِ } [ الحجرات : 3 ] وعند شيخه ، وهم الذين تقع عليهم السكينة من هيبة حضرته وولايته ، { أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ ٱمْتَحَنَ ٱللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَىٰ } [ الحجرات : 3 ] ، انتزع عنها حب الشهوات وصفاتها عن دنس سوء الأخلاق وتحليها بمكارمها ، حتى انسلخوا عن عادات البشرية { لَهُم مَّغْفِرَةٌ } [ الحجرات : 3 ] ، بأنوار صفات الحق تعالى ، { وَأَجْرٌ عَظِيمٌ } [ الحجرات : 3 ] بتجلي صفة العظمة . ثم أخبر عن سوء أدب بعض العرب بقوله تعالى : { إِنَّ ٱلَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَآءِ ٱلْحُجُرَاتِ } [ الحجرات : 4 ] ، يشير إلى أنهم إنما ينادونك ؛ لأنهم من وراء الحجبات يرونك فلا يعرفون قدرك ، { أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ } [ الحجرات : 4 ] ؛ أي : مالهم به عقل يعرفون قدرك ، ولو عرفوا قدرك لما تركوا حرمتك ولا التزموا هيبتك .