Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 5, Ayat: 33-35)

Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ثم أخبر عن جزاء المخالفين والمحاربين بقوله تعالى : { إِنَّمَا جَزَآءُ ٱلَّذِينَ يُحَارِبُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ } [ المائدة : 33 ] ، إلى قوله { أَنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } [ المائدة : 34 ] والإشارة فيها أن جزاء الذين يحاربون الله ورسوله - يعني بمعاداة أولياء الله - فإن الخبر الصحيح حكاية عن الله تعالى " من عاد إليّ ولياً فقد بارزني بالحرب وأني لأغضب لأوليائي كما يغضب الليث لحرده " { وَيَسْعَوْنَ فِي ٱلأَرْضِ } [ المائدة : 33 ] ، بعاداتهم { فَسَاداً } [ المائدة : 33 ] ، يظهر أثره في البر والبحر كقوله تعالى : { ظَهَرَ ٱلْفَسَادُ فِي ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي ٱلنَّاسِ } [ الروم : 41 ] . { أَن يُقَتَّلُوۤاْ } [ المائدة : 33 ] ، بسكين الخذلان { أَوْ يُصَلَّبُوۤاْ } [ المائدة : 33 ] ، بحبل الهجران على جذع الهجران { أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ } [ المائدة : 33 ] ، عن أذيال الوصال { وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ } [ المائدة : 33 ] ، عن الاختلاف { أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ ٱلأَرْضِ ذٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ } [ المائدة : 33 ] ، بُعد وهوان { فِي ٱلدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي ٱلآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ } [ المائدة : 33 ] ، الفرقة والقطيعة { إِلاَّ ٱلَّذِينَ تَابُواْ } [ المائدة : 34 ] ، وأنابوا إلى الله واستغفروا واعتذروا عن أولياء الله { مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُواْ عَلَيْهِمْ } [ المائدة : 34 ] ، برؤية الولاية أيها الأولياء فإن ردكم رد الحق وقبولكم قبول الحق ، وإن مردود الولاية مقصود العناية { فَٱعْلَمُواْ أَنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ } [ المائدة : 34 ] ، لمن تاب ورجع إلى الله { رَّحِيمٌ } [ المائدة : 34 ] ، بهم أن يقبل توبتهم ويغفر حوبتهم . ثم أخبر عن حقيقة التقوى أنها ابتغاء الوسيلة والقربى بقوله تعالى : { يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَٱبْتَغُوۤاْ إِلَيهِ ٱلْوَسِيلَةَ } [ المائدة : 35 ] ، إلى قوله : { وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ } [ التوبة : 68 ] ، والإشارة فيها أن الله تعالى جعل الفلاح الحقيقي في أربعة أشياء ، أحدها : الإيمان وهو إصابة رشاش النور في بدء الخلقة ، وبه تخلص العبد من حجب ظلمة الكفر ، وثانيها : التقوى وهو منشأ الأخلاق المرضية ومنبع الأعمال الشرعية ، ويخلص العبد من ظلمة المعاصي ، وثالثها : ابتغاء الوسيلة وهو إفناء الناسوتية في بقاء اللاهوتية ، وبه يتخلص العبد من ظلمة أوصاف الوجود ، ورابعها : الجهاد في سبيل الله وهو اضمحلال الأنانية في إثبات الهوية ، وبه يتخلص العبد من ظلمة الوجود ، ويظفر بنور الشهود ، والمعنى الحقيقي يا أيها الذين أمنوا بإصابة النور اتقوا الله بتبديل الأخلاق الذميمة ، وابتغوا إليه الوسيلة في إفناء الأوصاف { وَجَاهِدُواْ فِي سَبِيلِهِ } [ المائدة : 35 ] ، بتبديل الوجود { لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } [ المائدة : 35 ] ، بنيل المقصود من المعبود .