Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 41-41)
Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ثم أخبر عمن جعله مظهر قهره بقوله تعالى : { يٰأَيُّهَا ٱلرَّسُولُ لاَ يَحْزُنكَ ٱلَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي ٱلْكُفْرِ } [ المائدة : 41 ] ، والإشارة أن الله تعالى لما أقصى الكفار وأهل الشقاوة عن محل القرب وأرخى لهم عنان الإمهال للتعذيب حتى يسارعوا في بوادي البوار ، وما هو في أودية الضلالة أمر رسوله بترك المبالاة بأمثالهم وقلة الاهتمام ، وقال : { يٰأَيُّهَا ٱلرَّسُولُ لاَ يَحْزُنكَ ٱلَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي ٱلْكُفْرِ مِنَ ٱلَّذِينَ قَالُوۤاْ آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ } [ المائدة : 41 ] ، يعني : الذين دخلت كلمة الإيمان في أفواههم ولم يدخل نور الإيمان في قلوبهم ولم تخرج ظلمة الكفر منها { وَمِنَ ٱلَّذِينَ هَادُو } [ المائدة : 41 ] ، أي : تابوا ظاهراً { سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ } [ المائدة : 41 ] ، أي : يصفون كذبات النفس في هواجسها { سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ } [ المائدة : 41 ] ؛ أي : يسمعون هذه الكذبات ويعملون ويسنون السنن السيئة لقوم آخرين من أمتك لم يأتوك بعد { يُحَرِّفُونَ ٱلْكَلِمَ مِن بَعْدِ مَوَاضِعِهِ } ، اي : يغيرون قوانين الشريعة ويبدلونها بتمويهات الطبيعة { يَقُولُونَ } [ المائدة : 41 ] ، لرفقائهم من أهل الطبيعة ومن أضلهم عن جادة الشريعة { إِنْ أُوتِيتُمْ هَـٰذَا فَخُذُوهُ وَإِن لَّمْ تُؤْتَوْهُ فَٱحْذَرُواْ } [ المائدة : 41 ] ؛ يعني : إن أوتيتم أرباب الشريعة مثل مقالاتنا ومعتقداتنا تناسب محالاتنا ، فاقبلوا وإلا فاحذروا ، وعما تقولوا من القرآن والأحاديث هذا حال أرباب الدعاوى العواري عن المعاني من المتفلسفة والإباحية ، فقد أزلهم الشيطان عن الصراط المستقيم وأضلهم عن الدين القويم ، وأوقعهم في الزلات والشبهات ، فيؤولون القرآن والأحاديث على وفق أهوائهم ويقرون بآرائهم فعرف الله تعالى نبيه أنهم معزولون عن رحمته محتجبون بعزته ، وإن من رؤية القسمة الأزلية والعزة الصمدية لا يفيده اهتمام المهتمين ولن ينفعه الشافعون . { وَمَن يُرِدِ ٱللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ ٱللَّهِ شَيْئاً } [ المائدة : 41 ] ، يعني : من أوثقه الله تعالى بالخذلان وأغرقه في الحرمان فليس إلى الأغيار حياته ، ولا إلى الأغيار نجاته { أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ لَمْ يُرِدِ ٱللَّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ } [ المائدة : 41 ] ، يعني : أولئك الذين جبلوا على نجاسة الشرك ، وما اقتضت الإرادة الأزلية والحكمة الإلهية أن يطهروا بماء إصابة النور إذا رش عليهم في بدء الخلقة من نجاسة ظلمة الشرك قلوبهم ، ويقال من يروا الله فتنته من أرسل إليه غائمة الهوى ، وسلط عليه نوازع المنى فأنى له بسوط القضاء فليس بلقاء غير الشقاء { لَهُمْ فِي ٱلدُّنْيَا خِزْيٌ } [ المائدة : 41 ] ، أي : في بدء الأمر من إخطاء النور المرشش { وَلَهُمْ فِي ٱلآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ } [ المائدة : 41 ] ، من لقاء العلي العظيم فلا يدري أي : حالتيهم أقرب إلى استجلاب الذل وبدايتهم في الخذلان أم نهايتهم في الحرمان .