Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 92-94)
Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ } [ المائدة : 92 ] ، فما يأمركم بما يقربكم إليه ويباعدكم عنكم { وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ } [ المائدة : 92 ] ، يخرجكم من ظلمات وجودكم إلى نور شهود معبودكم { وَٱحْذَرُواْ } [ المائدة : 92 ] ، المخالفات فإنها تباعدكم عن الله وتزيد في حجب أنانيتكم { فَإِن تَوَلَّيْتُمْ } [ المائدة : 92 ] ، عن طلب الحق في متابعة النبي صلى الله عليه وسلم : { فَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّمَا عَلَىٰ رَسُولِنَا ٱلْبَلاَغُ ٱلْمُبِينُ } [ المائدة : 92 ] ؛ يعني : على الرسول التبليغ والدلالة وعليكم المتابعة وعلينا التوفيق والهداية { لَيْسَ عَلَى ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } [ المائدة : 93 ] ، يعني : بالتقليد لا بالتحقيق { وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ } [ المائدة : 93 ] ؛ أي : حافظوا على الأوامر والنواهي { جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوۤاْ } [ المائدة : 93 ] ؛ يعني : من المباحات { إِذَا مَا ٱتَّقَواْ } [ المائدة : 93 ] ، الشبهة والإسراف { وَآمَنُواْ } [ المائدة : 93 ] ، بالتحقيق بعد التقليد ، فإن الأعمال الصالحات أنوار الهداية واتقاء الشبهة فعلى أقدر الأعمال يتنور القلوب بالأنوار ، وعلى قدر الأنوار تكاشف القلوب بالأسرار { وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ } [ المائدة : 93 ] ، ففائدة التكرار فيه أن الأذل يشير إلى الأعمال البدنية مثل المحافظة على الأوامر والنواهي ، والثاني يشير إلى الأعمال القلبية مثل تصفيته القلوب عن دنس كل حب في حب الله وطلبه تحليتها بالصدق والإخلاص والتوكيل والتسليم والرضا واليقين وبجميع الأخلاق الحميدة { ثُمَّ اتَّقَواْ } [ المائدة : 93 ] ، الالتفات بغير الله بحيث ما رضوا من الله بشيء دونه { وَآمَنُواْ } [ المائدة : 93 ] ، بواحدية أي : تيقنوا أنه تعالى المعاصي يوجد باب لطفه كما قال تعالى : " ألا من طلبني وجدني ومن طلب غيري لم يجدني " ، { ثُمَّ اتَّقَواْ } [ المائدة : 93 ] ، ترك اللإثنينية ببذل الأنانية وإفنائها في هويته { وَّأَحْسَنُواْ } [ المائدة : 93 ] ، تهدوا الحق بالحق فإن " الإحسان أن تعبدوا الله كأنك تراه " { وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلْمُحْسِنِينَ } [ المائدة : 93 ] ، الفانين عن أنانيتهم والباقين بهويته المشاهدين بأنوار جماله إلى جلاله ، فهم القوم الذين قال تعالى فيهم : { يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ } [ المائدة : 54 ] ، وحقيقة الإشارة أن المحبوب الأزلي من هذا سيره وسيره لا يضره التصرف في المكونات بمحصول هذا الشرائط فافهم جيداً . ثم أخبر عن ابتلاء أهل الولاء بقوله تعالى : { يَـٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لَيَبْلُوَنَّكُمُ ٱللَّهُ بِشَيْءٍ مِّنَ ٱلصَّيْدِ } [ المائدة : 94 ] ، إشارة إن الله تعالى جعل البلاء لأهل الولاء كاللهب للذئب فقال : { يَـٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } ، أي : إيمان المحبين الذين تجردوا عن ملاذ الدنيا وشهواتها من الحلال والحرام ، وأحرموا بحجج الوصول وعمرة الوصال ليبلونكم الله في أثناء السلوك بشيء من الصيد ، وهو ما سنح من المطالب النفسانية الحيوانية والمقاصد الشهوانية والدنياوية { تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ } [ المائدة : 94 ] ؛ أي : ما يتعلق بشهوات نفوسكم ولذات أبدانكم { وَرِمَاحُكُمْ } [ المائدة : 94 ] ؛ أي : ما يتعلق بالمال والجاه { لِيَعْلَمَ ٱللَّهُ مَن يَخَافُهُ بِٱلْغَيْبِ } [ المائدة : 94 ] ، وهو يعلم ويرى ليظهر الله ويميز بترك المطالب والمقاصد في طلب الحق من يخافه بالغيبة والانقطاع عنه ويحترز عن الالتفات بغيره { فَمَنِ ٱعْتَدَىٰ بَعْدَ ذٰلِكَ } [ المائدة : 94 ] ، تعلق بالمطالب بعد ترك الطلب { فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ } [ المائدة : 94 ] ، من الرد والصد والانقطاع عن الله تعالى .