Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 98-100)
Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ثم قال تعالى : { ٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ } [ المائدة : 98 ] ، يستدل الحجاب لغير الأحباب ممن ركنوا إلى الدنيا واغتروا بزينتها وشهواتها { وَأَنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } [ المائدة : 98 ] ، لطالبيه وقاصدي حضرته بفتح الأبواب ورفع الحجاب { مَّا عَلَى ٱلرَّسُولِ إِلاَّ ٱلْبَلاَغُ } [ المائدة : 99 ] ؛ يعني : عليه التبليغ بالقال والحال ، كقوله تعالى : { هُوَ ٱلَّذِي بَعَثَ فِي ٱلأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُواْ عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ ٱلْكِتَابَ وَٱلْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } [ الجمعة : 2 ] : فأما القال : فهو قوله : { هُوَ ٱلَّذِي بَعَثَ فِي ٱلأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُواْ عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ } [ الجمعة : 2 ] ، وأما الحال فهو كقوله تعالى { وَيُزَكِّيهِمْ } [ الجمعة : 2 ] أي : يزكي نفوسهم عن الأخلاق المذمومة بأنوار الصحبة وآدابها ، فإن النفوس كالمرآة قابلة لأخلاق صاحبها ، وأن الطبع من الطبع يسرق وهذا أحد أسباب تعليم حقيقة الكتاب والحكمة { وَٱللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ } [ المائدة : 99 ] ، من الإيمان بإقرار اللسان وعمل الأركان { وَمَا تَكْتُمُونَ } [ المائدة : 99 ] ، من تصديق الجنان والتكذيب وصدق التوحيد وإخلاص النية في طلب الحق أو غير ذلك { قُل لاَّ يَسْتَوِي ٱلْخَبِيثُ وَٱلطَّيِّبُ } [ المائدة : 100 ] ، الخبيث ما يشغلك عن الله والطيب ما يوصلك إلى الله { وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ ٱلْخَبِيثِ } [ المائدة : 100 ] ، فيه إشارة أخرى أن الطيب هو الله الواحد والخبيث ما سوى الله وفيه كثرة { فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } [ المائدة : 100 ] ؛ أي : اتقوا بالله عن غير الله { يٰأُوْلِي ٱلأَلْبَابِ } [ المائدة : 100 ] ، وهم الذين تخلصت ألباب قلوبهم وأرواحهم عن قشور الأبدان والنفوس ، فيحثهم على أن يركنوا إلى الدرجات الروحانية { لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } [ المائدة : 100 ] ، لكي تظفروا بالقربات الربانية .