Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 51, Ayat: 1-15)

Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَٱلذَّارِيَاتِ ذَرْواً } [ الذاريات : 1 ] ، يشير إلى الرياح [ السحابية ] بحمل أنين المشتاقين المتعرضين لنفحات الألطاف إلى ساحات العزة ، ثم تأتي بنسيم نفحات الحق إلى مشام أسرار أهل المحبة ، فيجدون راحة من غلبات اللوعة ، وفي معناه أنشدوا : @ وَإِنّي لأَستَهدي الرِياحَ سَلامَكُم إِذا أَقبَلَت مِن نَحوِكُم بِهُبوبِ وَأَسأَلُها حَملَ السَلامِ إِلَيكُمُ فَإِن هِيَ يَوماً بَلَّغَت فَأَجيبي @@ بقوله : { فَٱلْحَامِلاَتِ وِقْراً } [ الذاريات : 2 ] ، يشير إلى سحاب ألطاف الربوبية بحمل أمطار مراحم الألوهية ، فيمطر على قلوب الصديقين . وبقوله : { فَٱلْجَارِيَاتِ يُسْراً } [ الذاريات : 3 ] ، يشير إلى سفن وجود المحبين المحبوبين شراعها مرفوعة إلى مهب رياح العناية ؛ فتجري بها في بحر التوحيد على أيسر حال . وبقوله : { فَٱلْمُقَسِّمَاتِ أَمْراً } [ الذاريات : 4 ] ، يشير إلى من ينزل من الملائكة المقربين ؛ لتفقد أهل الوصلة وللقيام بأنواع من الأمور لأهل هذه القصة ، فهؤلاء القوم يسألونهم عن أحوالهم هل عندهم خبر من فراقهم ووصالهم ، ويقولون : @ بربكما يا صاحبي قفا ليا أسائلكم عن حالكم فسألانيا @@ { إِنَّمَا تُوعَدُونَ } [ الذاريات : 5 ] ، أيها الطالبون الصادقون في خطاب : " ألا من طلبني وجدني " { لَصَادِقٌ } [ الذاريات : 5 ] ، { وَإِنَّ ٱلدِّينَ } [ الذاريات : 6 ] ؛ أي : حقيقة الدين { لَوَٱقِعٌ } [ الذاريات : 6 ] في جدر قلوب المجاهدين فينا وأسرار المجتهدين لنا ، أن الله تعالى وعد المطيعين بالجنة ، والتائبين بالمحبة ، والأولياء بالقربة ، والعارفين بالوصلة ، والطالبين بالوجدان . ثم جدد القسم فقال : { وَٱلسَّمَآءِ ذَاتِ ٱلْحُبُكِ } [ الذاريات : 7 ] ، أشار إلى سماء القلب ذات الطرائق إلى الله عز وجل ، { إِنَّكُمْ } [ الذاريات : 8 ] أيها الطالبون الصادقون { لَفِي قَوْلٍ مُّخْتَلِفٍ } [ الذاريات : 8 ] في الطلب ؛ فمنكم من يطلب منا ما قلنا من الدرجات في جنان النعيم ، ومنكم من يطلب منا ما عندنا من كمالات القربات ، ومنكم من يطلب منا بالدنيا من العلوم والمعارف ، ومنكم من يطلبنا بجميع صفاتنا ، فمن استقام على الطريقة وثبت ملازماً في طلبه لبلغ كل قاصد مقصده . وبقوله : { يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ } [ الذاريات : 9 ] ، يشير إلى أن في قطاع الطريق على أرباب الطلب للكثرة ، فمن يصرفه طلبه قاطع من القطاع من النفس والهوى والدنيا وزينتها وشهواتها وجاهها ونعيمها فَصُرِف ؛ فقد حرم عن متمناه وأهلكه هواه ، كما قيل نعوذ بالله من الحور بعد الكور ، وينادي عليه منادي العزة : وكم مثلها فارقتها وهي تصغر . وبقوله : { قُتِلَ ٱلْخَرَّاصُونَ * ٱلَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ سَاهُونَ } [ الذاريات : 10 - 11 ] ، يشير إلى مدعي هذا الحدث الكذابين الذين هم في غمرة الحسبان والغرور لاهون ، ومن استبطاء حصول المرام { يَسْأَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ ٱلدِّينِ } [ الذاريات : 12 ] ؟ وهم في ضلالة ظلمة ليل الدنيا يستعجلون في استصباح نهار الدين ، فأجابتهم عزة الجبروت عن تنق الكبرياء والعظموت ، { يَوْمَ هُمْ عَلَى ٱلنَّارِ } [ الذاريات : 13 ] ؛ أي : على نار الشهوات { يُفْتَنُونَ } [ الذاريات : 13 ] ؛ أي : بعذاب البعد والقطيعة يعذبون . { ذُوقُواْ فِتْنَتَكُمْ } ؛ أي : عذاب فتنتكم التي قطعت عليكم طريق الطلب ، { هَـٰذَا ٱلَّذِي كُنتُمْ بِهِ } [ الذاريات : 14 ] تملون عن الطلب ، { تَسْتَعْجِلُونَ } [ الذاريات : 14 ] الظفر بالمقصود . ثم أخبر عن المتقين التائبين بقوله تعالى : { إِنَّ ٱلْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ } [ الذاريات : 15 ] ، يشير إلى أنهم في جنات قلوبهم ، وعيون الحكمة في عاجلهم ، بل في جنات الوصل وفي أجلهم في جنات الفضل ، فغداً نجاة ودرجات واليوم مناجاة وقربات .