Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 53, Ayat: 47-62)
Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَأَنَّ عَلَيْهِ ٱلنَّشْأَةَ ٱلأُخْرَىٰ } [ النجم : 47 ] ؛ يعني : النشأة الثانية الإرادية وهي بأن يقذف نور الإرادة في قلبها ، فإذا شاء انشربا من قبر قالبها . { وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَىٰ وَأَقْنَىٰ } [ النجم : 48 ] ؛ يعني : هو المغني أحياه بأموال المعرفة ، والمقني أولياءه بالأحوال السنية والأخلاق الرضية ، { وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ ٱلشِّعْرَىٰ } [ النجم : 49 ] ؛ يعني : هو رب الشعور الذي يحصل للإنسان على أطوار القلب من القوى الكوكبية ، وعلى ما في أطباق وأرض القالب من القوى العنصرية . { وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَاداً ٱلأُولَىٰ } [ النجم : 50 ] ؛ يعني : هو أهلك قوى العادية المعتدلة ، { وَثَمُودَ فَمَآ أَبْقَىٰ } [ النجم : 51 ] ؛ يعني : القوى الباغية الذين هم عقروا ناقة الشوق ، { وَقَوْمَ نُوحٍ مِّن قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُواْ هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَىٰ } [ النجم : 52 ] ؛ لأنهم من قوى النفس أخذوا قوة أوفى من هؤلاء القوى القالبية ، { وَٱلْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَىٰ } [ النجم : 53 ] ؛ وهم قوم لوط ؛ أي : القوى النجسة الغير المطهرة ، التي أهواهم ربهم في هاوية الهوى ، { فَغَشَّاهَا مَا غَشَّىٰ } [ النجم : 54 ] ؛ أي : ألبسها الله ما ألبس ؛ ليكونوا محجوبين فـ { أَهْوَىٰ } [ النجم : 53 ] ؛ أي : أسقطت القوة الشديدة الجبرائيلية بلذة قالبها وقلبها بما فيها من القوى النجسة المنتنة ، { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكَ تَتَمَارَىٰ } [ النجم : 55 ] أيتها القوى الإنسانية الباقية ، بأي نعمة ربك تشك ؟ أما تعلمي أن هذه القوى المعاونة لك هو من آثار فعله ؟ { هَـٰذَا نَذِيرٌ مِّنَ ٱلنُّذُرِ ٱلأُوْلَىٰ } [ النجم : 56 ] ؛ يعني : هذا الذي قرأناه عليك هي آيات الله الواردة على لطيفتك الخفية بالحق واللطيفة المنذرة لك ، كما كانت اللطائف المنذرة من قبل ، { أَزِفَتِ ٱلآزِفَةُ } [ النجم : 57 ] ؛ أي : دنت القيامة الخفية ، والآزفة هي القيامة الخفية ، { لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ ٱللَّهِ كَاشِفَةٌ } [ النجم : 58 ] ؛ يعني : ليس لهذه القيامة الخفية كاشفة غير الله عن أهوالها وشدائدها ، وهي أقرب القيامات إلى حضرة الله ، وأقرب إليك منك ، حتى أنت لفرط قربها إليك لم تقدر على مشاهدتها وأنت في وسطها ، بل هي محيطة بجميع أجزاء وجودك ، وشرها يتعلق بحد القرآن . { أَفَمِنْ هَـٰذَا ٱلْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ } [ النجم : 59 ] ؛ أي : من الوارد الجديد ، { وَتَضْحَكُونَ } [ النجم : 60 ] ؛ يعني : يستهزئون ، ويقولون العجب كيف تكون هذه الآزفة محيطة بنا ونحن لا نشاهدها ؟ { وَلاَ تَبْكُونَ } [ النجم : 60 ] مما تسمعون من اللطيفة المبلغة ما يخبركم عن أحوال الآزفة ، { وَأَنتُمْ سَامِدُونَ } [ النجم : 61 ] ؛ أي : غافلون لاهون مشتغلون بسماع اللهو ، مستهزئون بالوارد باللطيفة المبلغة ، { فَٱسْجُدُواْ لِلَّهِ } [ النجم : 62 ] أيتها القوى المتكبرة في مقام المذلة ؛ ليقربكم الله إلى نفسه ، { وَٱعْبُدُواْ } [ النجم : 62 ] ، أيتها القوى العابدة لآلهة هواكم الله المعبود الحق { ٱلَّذِي لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ } [ الحشر : 22 ] ؛ لأن رؤيتك وجودك ذنب لا يقاس به ذنب ، فيا أيها السالك : أقى وطرك من هذه السورة ، وخذ حظك من معراجك ، وأعط حق في رجوعك ، وهذا الذي كتبت بتوفيق الله وإلهامه مما ورد على قلبه دفعة واحدة من تفسير بطن القرآن ، وأما تفسير جهره لا يمكن كتابته ولو صارت الأشجار أقلاماً ، والسماوات قرطاساً ، والبحار مداداً ، اللهم ثبت قلبي على دينك ، وقوتي على استعمال سنة نبيك الموصل إلى حضرتك ، ووفقني لما تحب وترضى من القول والعمل والنسبة ، وأعذني من الخطأ والخبل ، والسهو والذل بحق محمد المبعوث إلى أهل السهل والجبل صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبته والتابعين لهم وسلم تسليماً .