Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 55, Ayat: 46-56)

Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وهذه المواعظ جاءت لتتعظ بها القوتان من آلاء الرب ونعمائه ؛ ولأجل هذا يقول : { وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ } [ الرحمن : 46 ] جنة عن يمين لقوة روحانيتهم فيها المعارف ، وجنة عن شمال لقوى جسمانيتهم فيها فيما اشتهت أنفسهم ، { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } [ الرحمن : 47 ] ؛ يعني : أيتها القوتان الخائفتان من مقامكما عند ربكما يوم الحساب ، المشتغلتان بكسب الأعمال الصالحة المدخر لكم جزاءها في يوم المآب ، أبنعمة جنة اليمين ، أم بنعمة جنة الشمال تكذبان ؟ { ذَوَاتَآ أَفْنَانٍ } [ الرحمن : 48 ] ؛ يعني : جنتكما ذواتا أغصان من المعارف الجلالية والجمالية ، { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } [ الرحمن : 49 ] ؛ يعني : أيتها القوتان ، أبنعمة المعارف الجلالية ، أم بنعمة المعارف الجمالية تكذبان ؟ { فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ } [ الرحمن : 50 ] ؛ يعني : في جنتكما تجريان عين المكاشفة وعين المشاهدة ، { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } [ الرحمن : 51 ] أيتها القوتان ؟ { فِيهِمَا مِن كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ } [ الرحمن : 52 ] ؛ يعني : من كل فاكهة معرفة صورتان خالدتان من صورة الأعمال الروحانية والجسمانية ، التي عملها في دار الكسب صاحبها { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } [ الرحمن : 53 ] ؛ يعني : أيتها القوتان ، بنعمة أي صورة من الصورتين الخالدتين تكذبان ؟ { مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَآئِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى ٱلْجَنَّتَيْنِ دَانٍ * فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } [ الرحمن : 54 - 55 ] ؛ يعني : الصورة الخالدة متكئين على بساط البسط المفروش ؛ الذي بطائن الفرش من إستبرق اللطف ، وظواهرها من نور الفضل مما ليس له نظير في الدنيا ، كما قال في وصفه النبي صلى الله عليه وسلم : " جزاء عن الملك العلام ، فيها ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر " ، { وَجَنَى ٱلْجَنَّتَيْنِ } [ الرحمن : 54 ] ؛ يعني : اجتناء ما يجتني صاحب الجنتين يكون عليه سهلاً قريباً على أية حالة شاء يجتني ثمارها من غير تحول عن مقام إلى مقام آخر ، ومن غير حركة بالقيام والقعود ، { فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ ٱلطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلاَ جَآنٌّ } [ الرحمن : 56 ] ؛ يعني : في هذه الجنان صور حسنة خالدة من صور الأعمال الصالحة ، يقصر طرفهن على صاحبها ولا يقدر أن ينظرن إلى غير صاحبها ، وكل ما ينظر إلى صاحبها يريد في عينها جمال صاحبها ، لم يمسهن يد قوة علوية ولا سفلية قبل يد صاحبها ، وحسنهن من حسن الأعمال ، وزيادة حسنهن في كل نظرة من حسن النية والصدق والإخلاص في العمل .