Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 55, Ayat: 35-45)

Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِّن نَّارٍ وَنُحَاسٌ فَلاَ تَنتَصِرَانِ } [ الرحمن : 35 ] ؛ يعني : يرسل عليكما أيتها القوتان شواظ من نار علوية ، وهو لهب النار الأخضر واستعداد النحاسية من العناصر السفلية ، فلا يمنعان صاحبهما عن العذاب إن يشأ عذابهما ، وفي هذا أسرار رحمة أشير إلى بعضها لك يفطن له الخبير . اعلم أن الله تعالى خلق قالب الإنسان مستعداً مثل النحاس المستعد للتربية والتصعيد إلى حد يطرح عليه الكيمياء ويقلبه عيناً روحانياً ، وخلق فيه من نار القوة الفاعلية قوة إذا زكى النحاس من الظلمة المنطبعة فيه من أركان الأرضيات ، وظهر النار من لهب الهوى ، وقيل صاحب التزكية والتطهير كثير الإيمان وطرح على نحاس القالب واشتعل فيه النار المطهرة عن لهب الهوى ، فجعل قالبية الظلماني نورانياً ، ويصير نحاسية الجسماني عيناً باقياً روحانياً ، وإن لم تزك النحاس من ظلمات الطبيعة ولم تظهر النار نورانياً من لهب الهوى ، تذيب النار التي هي ذات لهب هوائية نحاس استعداد القوة المكدرة الجسمانية في جحيم قالبه التي عمرها في دار الكسب ، وتغذيه أبد الآباد تارة بالإذابة والإحراق في جحيم اغتراره بنور النار ، وتارة بإدخاله النحاس المذاب في زمهرير إنكاره ؛ ليخمد ويصلح للإذابة تارة أخرى في دار القرار ؛ لإعراضه عن طاعة الملك الواحد القهّار ، { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } [ الرحمن : 36 ] ؛ يعني : أيتها القوتان ، أبنعمة إعطاء آثار الخضراء العلوية ، أم بنعمة إعطاء الاستعداد النحاسي السفلي تكذبان ؟ { فَإِذَا ٱنشَقَّتِ ٱلسَّمَآءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَٱلدِّهَانِ } [ الرحمن : 37 ] ؛ يعني : إذا فرجت سماء الصدور ، وتنزلت القوى الملكية على القالب ، ويكون لون السماء المنشقة مثل دهق الزيت إذا وصل إليه حرارة النارية ، لون كل ساعة بلون آخر ، فكذلك سماء الصدر تتلون من حرارة شموس القوى الملكية بلون آخر على حسب قوى ملك من الملائكة المنزلة ، كما قيل : لون ماء لون إنائه من ينصركما أيتها القوتان ؟ { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } [ الرحمن : 38 ] ، أبنعمة انشقاق السماء ، أم بنعمة إنزال القوى الملكية تكذبان ؟ { فَيَوْمَئِذٍ لاَّ يُسْأَلُ عَن ذَنبِهِ إِنسٌ وَلاَ جَآنٌّ * فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } [ الرحمن : 39 - 40 ] ؛ يعني : أيتها القوتان ، أبنعمة الخلاص من الذنب في دار الكسب ، أم بنعمة غفران ذنبكما تكذبان ؟ واعلم أن الملائكة النازلة يعرفونهم بسيماهم ، فتؤخذ بنواصي نياتهم السيئة وأقدام أعمالهم الفاسدة ، ويلقون في جهنم قالبهم الذي عمروها في دار الكسب يطوف من نار عنصرهم الغير المستخلصة عن لهب الهوى ، وحميم عنصرية مائهم المكدرة بتراب الطبيعة ، كما { يُعْرَفُ ٱلْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِٱلنَّوَاصِي وَٱلأَقْدَامِ * فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * هَـٰذِهِ جَهَنَّمُ ٱلَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا ٱلْمُجْرِمُونَ * يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ } [ الرحمن : 41 - 44 ] ، والآن وادٍ من أودية جهنم مثل الويل ، فأما الويل حصل من شره ، والآن من الهوى إلا من ستره الله بستر ستاريته فإن الملائكة لا يعرفونه ، { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } [ الرحمن : 45 ] أيتها القوتان ، أبنعمة الخلاص عن الجزاء لستره ، أم بنعمة المغفرة عن الذنب بغفرانه تكذبان ؟