Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 57, Ayat: 10-12)
Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَمَا لَكُمْ أَلاَّ تُنفِقُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ } [ الحديد : 10 ] ؛ أي : استعدادكم في طاعته ، { وَلِلَّهِ مِيرَاثُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } [ الحديد : 10 ] ؛ أي : تعلمون أن لله ميراث السماوات الروحانية والأرض البشرية ، يتحلون باستعدادكم الذي هو أعطاكم من القوى العلوية والسفلية ، ولا تنفقون في طاعة من يرث الاستعدادات بعد إفنائكم ونفديكم بتركتكم المكدرة ، وإن تنفقوا يرث هو أيضاً استعداداتكم العلوية ويدخلكم في جنات تركاتكم المطهرة المزكاة عن الكدورات بالنفقة ، فيما يغركم إلى خالق الأرض ووارث التركات والمعذب لتارك التركات المزكاة بنعيم الجنان الموصل له إلى أعلى الدرجات ، { لاَ يَسْتَوِي مِنكُم } [ الحديد : 10 ] ، أيتها القوى المؤمنة : { مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ ٱلْفَتْحِ } [ الحديد : 10 ] ؛ يعني : جاهد في سبيل الله قبل اطلاعه على الآيات البينات ، وفتح مكة وجوده بجند الذكر وحزب الخواطر وحزب الروحانية ، { وَقَاتَلَ } [ الحديد : 10 ] الأعداء من القوى القالبية والنفسية والشيطانية مع من يجاهد في السلوك ، بعد طلوع شمس الحقيقة ووصل نور الجذبة ، { أُوْلَـٰئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً } [ الحديد : 10 ] لمجاهدتكم من غير المشاهدة { مِّنَ ٱلَّذِينَ أَنفَقُواْ مِن بَعْدُ وَقَاتَلُواْ } [ الحديد : 10 ] بقوة نور الجذبة ، { وَكُلاًّ وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلْحُسْنَىٰ } [ الحديد : 10 ] الباقية بحسنى أعمالهم باستعداداتهم الفانية في دار الكسب . أبشر أيها السالك المجاهد ؛ لأن الله تعالى عظم أجرك ودرجتك على المجذوب ، ولا تبال بالمشاهدة وبالغ في المجاهدة في الكسب ؛ لأن المشاهدة أخروية موعودة في دار الجزاء على قدر هممكم ، فمن كان همته الأكل والشرب والجماع مشتهيات النفس فيعطي له ما اشتهت نفسه من النعيم المقيم ، ومن كان همته عبودية الحق خالصاً مخلصاً يريد وجهه بنور وجهه العظيم ، وتقر عينه بمشاهدة جماله الكريم ، { مَّن ذَا ٱلَّذِي يُقْرِضُ ٱللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ } [ الحديد : 11 ] أضعافاً مضاعفة بواحدة عشراً وبواحدة سبعمائة ، ويزيد عليه لمن يشاء ، { وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ } [ الحديد : 11 ] من مشاهدة وجهه الكريم { يَوْمَ تَرَى ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَىٰ نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم } [ الحديد : 12 ] ؛ يعني : يوم يكشف الغطاء الظلماني ترى القوى المؤمنة من القوى الفاعلة والقابلة نور ذكرهم ونور عناصرهم المطهرة بنور الذكر ، ونور روحانيتهم المنورة بنور اللطيفة الخفية بين أيديهم بتوجههم الخالص إلى الحق ، { وَبِأَيْمَانِهِم } [ الحديد : 12 ] ؛ أي : بأعمالهم الصالحة للحق يسعى ويهديه إلى حضرة الحق ، { بُشْرَاكُمُ ٱلْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا } [ الحديد : 12 ] ، أيها السالكون بشرناكم يوم كشف الغطاء بجنات قربنا نيتكم المطهرة ، وأنهار المعرفة الجارية غير المنقطعة الخالدة تتنعمون بإثمار أعمالكم الصالحة ، وتشربون من أنهار معرفتكم الجارية أبد الآباد { ذَلِكَ هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ * يَوْمَ يَقُولُ ٱلْمُنَافِقُونَ وَٱلْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُواْ ٱنظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ } [ الحديد : 12 - 13 ] ؛ يعني : يوم كشف الغطاء تقول القوى المنافقة الفاعلة والقابلة للقوى المؤمنة : أمهلونا نقتبس من ضياء نوركم نور نهتدي به في ظلمات وجودنا .