Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 58, Ayat: 7-8)

Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ } [ المجادلة : 7 ] يعني : يعلم ما في قوى الروحانية والجسمانية والاستعدادات العلوية والسفلية التي هي ودائعه ، وهو بيده خمرها في طينة ، ونفخ فيها من روحه { مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَىٰ ثَلاَثَةٍ } [ المجادلة : 7 ] أي : نجوى قوة معدنية ونباتية وحيوانية وسفلية أرضية ، ومن نجوى قوة جنية وملكية وعقلية علوية سماوية { إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ } [ المجادلة : 7 ] يعني : بالنقطة الحكمية المتفننة يتم أمر نجوى النقطات الثلاث العلمية والإرادية والقدرية { وَلاَ خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ } [ المجادلة : 7 ] يعني : ولا نجوى حواسهم الخمسة إلا هو سادسهم بالإظهار ، وهذا سر عظيم أشير إليه إن كنت حديد السمع شهيد القلب تفطن له إن شاء الله تعالى . اعلم أن الله خلق الحواس الخمسة ؛ لأن تكون آلات الإدراك ونفس الإدراك يتعلق به فكيف يمكن المستعملة حركة من غير شعور المستعمل لها بها ، والمبالغة في الكشف في هذا المقام يقرع باب مطلع القرآن فسددناه { وَلاَ أَدْنَىٰ مِن ذَلِكَ وَلاَ أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُواْ } [ المجادلة : 7 ] هذه إشارة إلى : نظرة وجودية إلى الأشياء إن كانت الوسائط أكثر والروابط أدنى من الثلاثة والخمسة هو معهم أينما كانوا ، وسر هذا لا يعرف إلا بعد معرفة الذات الواحد ، ثم معرفة الواحدة في الكثرة مقدسة عن الحلول والاتحاد والأثقال من حيث الصورة والانفعال من حيث الحقيقة منزهة عن أن يكون لها مثل وشريك بل أقول : ولا أخاف من جحود الأوداء وإنكار الأخلاء ، قول الحق هو : الحق وما تدعون من دونه هو : الباطل ، والباطل معدوم ، والمعدوم ليس شيء ، وحق ما قال جنيد البغدادي - قدس الله سره - ليس في الوجود إلا الله ، وهو الوجود المحض تعالى الله عما يصفه الظالمون علواً كبيراً { ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُواْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ } [ المجادلة : 7 ] يعني : يوم يكشف الغطاء عنهم الغطاء القالبي يجرهم ، ولكنهم موتى في قبور قوالبهم لا يسمعون ، كما يقول اللطيفة الخفية : و { إِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ ٱلْمَوْتَىٰ } [ النمل : 80 ] { وَمَآ أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِي ٱلْقُبُورِ } [ فاطر : 22 ] دعهم حتى أجزهم يوم النشور يعلمون في ذلك اليوم { إِنَّ ٱللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } [ المجادلة : 7 ] ويستحيون من أعمالهم من اطلاعنا على أحوالهم حتى يعرفوا في عرف خجالتهم ، ولا ينفعهم الخجالة بعد كشف الحجاب ، وانتزاع الآلات ، والأدوات وسد باب التوبة ، والإنابة إلى رب الأرباب { أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ نُهُواْ عَنِ ٱلنَّجْوَىٰ } [ المجادلة : 8 ] النجوى يعني : ألم تر إلى القوة السرية الجاحدة ، والقوة النفسية المنافقة الذين يتناجون ، ويستهزئون بالقوى المؤمنة ويتغامزون بأعينهم ، فأمرناهم بترك النجوى بما تركوا { ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ وَيَتَنَاجَوْنَ بِٱلإِثْمِ } [ المجادلة : 8 ] أي : بالكفر الوارد { وَٱلْعُدْوَانِ } [ المجادلة : 8 ] أي : معاداة القوى المؤمنة { وَمَعْصِيَتِ ٱلرَّسُولِ } [ المجادلة : 8 ] أي : معصية أمر اللطيفة الخفية { وَإِذَا جَآءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ ٱللَّهُ } [ المجادلة : 8 ] يعني : القوى السرية الجاحدة والنفسية المنافقة يسلمون عليك من حيث باطنهم وإضمارهم إن رعاهم لك نصرك { وَيَقُولُونَ فِيۤ أَنفُسِهِمْ لَوْلاَ يُعَذِّبُنَا ٱللَّهُ بِمَا نَقُولُ } [ المجادلة : 8 ] يعني : يمنحونك بهذا الدعاء عليك لو كنت مرسلاً من عند ربك للحقهم العذاب ، ولا يعلمون أن الله يمهلهم ؛ ليزدادوا في جميع حطب الخواطر الردية وإشعال نيران الحسد والحقد والبغض والكبر ؛ ليعذبهم عذاباً شديداً { حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ } [ المجادلة : 8 ] يعني : حسبهم جهنم قالبهم .