Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 58, Ayat: 9-11)

Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلاَ تَتَنَاجَوْاْ بِٱلإِثْمِ وَٱلْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ ٱلرَّسُولِ } [ المجادلة : 9 ] يعني : أيتها القوة المؤمنة إذا تناجيتم لا تتناجوا بالشك في الواردات ومعاداة بعضكم بعضاً ومعصية أمر اللطيفة الخفية وحظ السالك من هذه الآية ألا يتناجى في مجلس شيخه ، لا في الظاهر ولا في الباطن بالشك في المعرفة التي ترد على الشيخ أهي مثل ما ترد علينا من سبيل الفكر والنتائج العقلية ؟ ولا في معاداة الأصحاب حسداً عليهم ، وعلى أحوالهم ، وعلى قلوبهم ومكانتهم عند الشيخ ، ولا في العصيان ما يأمره الشيخ به وحظ القوى المؤمنة ألا تأذن للنفس أن يناجي الشيطان في الخلوة ، ولا وارد النفس أن يدخل عليها الشيطان ، ويلقي في روعها من الشك في الذات والصفات ، وفي أنها صارت واصلاً غير محتاجة إلى أمر اللطيفة في الترقي بنفي الخواطر بالذكر والقوى الخفي ، ولاشتغل السالك في خلوته بتميز الخواطر بل يشتغل بنفي جميع الخواطر شراً كان أو خيراً { وَتَنَاجَوْاْ بِٱلْبِرِّ وَٱلتَّقْوَىٰ } [ المجادلة : 9 ] يعني : يجوز للقوى المؤمنة أن تناجي القوة القلبية والسرية والروحية والخفية بالبر ، وهو ترك محبة الدنيا والتقوى ، وهو الاجتناب عن الهوى { وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِيۤ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ } [ المجادلة : 9 ] يعني : اتقوا من الذي يحشر إليه أعمالكم الظاهرة والباطنة ولا تضمروا خلاف ما تظهرونه { إِنَّمَا ٱلنَّجْوَىٰ مِنَ ٱلشَّيْطَانِ } [ المجادلة : 10 ] يعني : من تزيين الشيطان في قلوبكم { لِيَحْزُنَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } [ المجادلة : 10 ] يعني : ليحزن القوى المؤمنة { وَلَيْسَ بِضَآرِّهِمْ شَيْئاً } [ المجادلة : 10 ] يعني : لا يضر القوى المؤمنة بنجواكم { إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللَّهِ وَعَلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُؤْمِنُونَ } [ المجادلة : 10 ] لأن القوى المؤمنة آمنوا بأن الضار والنافع هو الله توكلوا عليه ، وتيقنوا بأن لا مانع ولا معطي إلا هو ، لا يلتفتون إلى نجوى الشياطين ، والنفس المنافقة ، والقوى السرية الجاحدة { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُواْ فِي ٱلْمَجَالِسِ فَٱفْسَحُواْ يَفْسَحِ ٱللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ ٱنشُزُواْ فَانشُزُواْ } [ المجادلة : 11 ] يعني : أيتها القوة المؤمنة ؛ إذ قيل لكم بالخاطر الإلهامي : أن أفسحوا في خلوتكم على قواكم بترك المجاهدة الشاقة فافسحوا ، يفسح الله لكم بالمشاهدات والمكاشفات الوهبية ، وإذا قيل لكم : انهضوا من مقامكم بدخولكم على أحوالكم للترقي من مقام ، فانهضوا ولا تعسروا بما وجدتم في ذلك المقام ؛ لأن في ذلك المقام لا في مقام أعلى منه تجدون معارف أفضل مما وجدتم في مقامكم هذا { يَرْفَعِ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ مِنكُمْ } [ المجادلة : 11 ] يعني : يرفع الله ذكر القوة المؤمنة القائمة بأمر اللطيفة الخفية عن مقام السر ، ودخولها في حظ الأحوال التي تتعلق بالروح الخفي { وَٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ دَرَجَاتٍ } [ المجادلة : 11 ] يعني : لمن وصل إلى عالم الحق وشرف العلم اللدني درجات غير متناهية { وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ } [ المجادلة : 11 ] من القيام عن حظوظكم وترك شهواتكم ، واختياركم أمر اللطيفة الخفية ، وحظ هذا السالك من هذه الآية أن يترك جميع معارفه بأمر مسلكه ، وينفي الكرامات العيانية والبيانية باشتغاله بذكر حقه ، ولا يطلب من الحق شيئاً غيره .