Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 59, Ayat: 13-17)

Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ لأَنتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِّنَ ٱللَّهِ } [ الحشر : 13 ] يعني : أيتها القوة المؤمنة هم يرهبون منكم أشد رهبة من الله لجهلهم بالله وقصور نظرهم عن الحق { ذَلِكَ } [ الحشر : 13 ] بنظرهم إلى الباطن { بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ } [ الحشر : 13 ] أي : ليس لهم قلب يعرف صفات الله من بطشه وقهره { لاَ يُقَاتِلُونَكُمْ } [ الحشر : 14 ] القوى السرية الجاحدة { جَمِيعاً إِلاَّ فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ } [ الحشر : 14 ] يعني : لا يبرزون ليحاربوكم مواجهة ؛ بل يدخلون في حصون إيمانهم الحاصلة باللطيفة السرية ولا تمنعهم من جنود اللطيفة الخفية ؛ لأن هذه الجنود تجيء من أعلاها والحصن تمنع من يكون أسفلها مثل جند الشيطان والهوى { أَوْ مِن وَرَآءِ جُدُرٍ } [ الحشر : 14 ] يعني : وراء الخواطر السرية { بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ } [ الحشر : 14 ] يعني : ما داموا في حصونهم يكون بأسهم شديداً ، ولكن ليس الحصول بما نعتهم عن جنود الخواطر الخفية { تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً } [ الحشر : 14 ] في حصن واحد في الصورة { وَقُلُوبُهُمْ شَتَّىٰ } [ الحشر : 14 ] لأنهم متفرقون في طلب شهواتهم لا يتحصنوا بهذا الحصن من تحقيق ولأجل الله ، بل لعادتهم ولاستيفاء حظوظهم من القوى السرية الضعيفة الجاهلة الجاحدة { ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْقِلُونَ } [ الحشر : 14 ] حقيقة التحصن بإيمانهم مثلهم { كَمَثَلِ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ قَرِيباً ذَاقُواْ وَبَالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } [ الحشر : 15 ] بظنهم حصونهم مانعتهم عن ضرب الرحمن ، ومثل المنافقين { كَمَثَلِ ٱلشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلإِنسَانِ ٱكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيۤءٌ مِّنكَ } [ الحشر : 16 ] يعني : إذا قالت القوة المستكبرة الشيطانية للقوة المستعجلة الإنسانية بعد طول مجاهدتها في طريق الكشف ، واطلاعها على بعض أسرار المكاشفات اكفري بنعمة الله التي أنعم في حقك ، وهو بأن تباشر مع القوة النفسية على وفق الهوى بالشهوة الحظيّة بقول القوة الشيطانية ، ويطلعها على أسرار مكاشفاتها ، ثم يقتلها بالمجاهدات لحظها الهوى ، فلما فعلت هذه الفعلة القبيحة لشؤم عجبها قالت لها القوة الشيطانية { إِنِّي بَرِيۤءٌ مِّنكَ إِنِّيۤ أَخَافُ ٱللَّهَ رَبَّ ٱلْعَالَمِينَ * فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَآ أَنَّهُمَا فِي ٱلنَّارِ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَآءُ ٱلظَّالِمِينَ } [ الحشر : 16 - 17 ] لأن القوة المستكبرة أبت من أخذ الحق والقوة المعجبة أعجبت بنفسها ونسيت توفيق ربها ، وغفلت عن ذكره الحق ، وكفرت بنعمة المكاشفة ، وقبلت كلام العدو .