Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 59, Ayat: 10-12)
Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَٱلَّذِينَ جَآءُوا مِن بَعْدِهِمْ } [ الحشر : 10 ] من القوى المؤمنة النفسية والقالبية ، وإن لم يدركهم في المرتبة والمنزلة ، ولكن { يَقُولُونَ رَبَّنَا ٱغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا ٱلَّذِينَ سَبَقُونَا بِٱلإِيمَانِ وَلاَ تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِّلَّذِينَ آمَنُواْ رَبَّنَآ إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ } [ الحشر : 10 ] هم أيضاً يكونون من المفلحين لدعائهم لإخوانهم السابقين ومسألتهم من الله ألا يجعل في قلوبهم غلاً وحسداً على ما آتاهم الله بفضله وسعة رحمته ، فحظ العامة من الأمة المحمدية ألا يظنوا من أصحاب الرسول رضي الله عنهم ، ويدعوا لهم بالخير ؛ فيرفعوا قدرهم على أنفسهم ولا يفتروا بكثرة مجاهداتهم التي يشتغلون بها ؛ لأن السابقين جاهدوا مجاهدة ، لو أنا جاهدنا بأموالنا وأنفسنا وقاتلنا في معركة العدو أشد مقاتلة حتى قتلنا لا نصل بأدنى مجاهدة السابقين ، وينبغي أن يفضلوهم على أنفسهم ، وحظ السالك من هذه الآية أن يتواضع لأصحاب شيخه المتقدمين عليه ، ويفضلهم على نفسه ، ويدعو لهم بالخير ، وحظ القوى النفسية والغالبية المؤمنة أن يؤثروا خواطر السرية وحظوظ القوى الحقوقية على أنفسهم ، ويزكون الأعمال البدنية والذكر اللساني إذا أراد القوى الحقوقية والسرية أن يتنعموا بالوارد والذكر السري والقلبي أو الروحي أو الخفي ، ويصبروا على ترك حظه من الأعمال البدنية ، والأذكار اللسانية ؛ لأن الله يرأف ويرحم بهم ويوصلهم إلى مرتبة لا يمكن الوصول إليها بالأعمال البدنية ، والأذكار اللسانية بجذبته { أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ نَافَقُواْ } [ الحشر : 11 ] من القوى النفسية { يَقُولُونَ لإِخْوَانِهِمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ } [ الحشر : 11 ] أي : من القوى السرية الجاحدة { لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلاَ نُطِيعُ فيكُمْ أَحَداً أَبَداً وَإِن قُوتِلْتُمْ لَنَنصُرَنَّكُمْ وَٱللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ } [ الحشر : 11 ] لأنهم يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم ، وإذا قذف الله الرعب من الحقوق التي كانت مستكنة في طينتهم ؛ ليخرجوا بيوتهم بأيديهم صاروا متملقين { لَئِنْ أُخْرِجُواْ لاَ يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِن قُوتِلُواْ لاَ يَنصُرُونَهُمْ وَلَئِن نَّصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ ٱلأَدْبَارَ ثُمَّ لاَ يُنصَرُونَ } [ الحشر : 12 ] لإدبارهم واشتغالهم بشهواتهم وضعف نياتهم خلاف أهل الكتاب ؛ لأنهم كسبوا قوة من إيمانهم باللطيفة السرية من قبل إرسال اللطيفة الخفية .