Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 105-109)
Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَكَذٰلِكَ نُصَرِّفُ ٱلآيَاتِ } [ الأنعام : 105 ] ، أي : يجعلها فتنة للجهال { وَلِيَقُولُواْ دَرَسْتَ } ؛ بجهلهم بكلام الله والتصرفات الإلهية ، { وَلِنُبَيِّنَهُ } ؛ يعني : نصرف الآيات ، { لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ } [ الأنعام : 105 ] ، أي : للمحتالين بالعلم والمعرفة من الجهال والضلال ، إنه كلام الله وتصرفاته ليس بمقدور مخلوق اتبع بإفناء الأنانية ، { ٱتَّبِعْ مَآ أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ } [ الأنعام : 106 ] ، فيما أوحى إليك من تجلي صفات ربك بالوحدانية ؛ ليتحقق لك أنه { لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ ٱلْمُشْرِكِينَ } [ الأنعام : 106 ] ، عند تجلي ذاته بالوحدانية بإفناء أنانيتك في هُويته ، وهذا أمر التكوين ؛ ليخرجه عن مقام المشركين وهم أهل الأنانية والآنية والاثنينية سرّاً وجهرّاً ، { وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ مَآ أَشْرَكُواْ وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً وَمَآ أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ } [ الأنعام : 107 ] ، لتحفظهم عن التثنية وما أنت عليهم ؛ يعني : على من أوقعناهم في مقام الاثنينية حكمة بالغة منا ، { بِوَكِيلٍ } لتبلغهم إلى مقام الوحدة ، وإنما يبلغ الوحدة من خلقناه لها ، وتدعو العوام إلى : التوحيد ، والخواص إلى : الوحدانية ، وخواص الخواص إلى : الوحدة ، ويكون لكل قوم هو لما خُلق له . ثم أخبر عن جهالة الإنسان وغاية ضلالته بقوله تعالى : { وَلاَ تَسُبُّواْ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ } [ الأنعام : 108 ] ، إلى قوله : { يَجْهَلُونَ } [ الأنعام : 111 ] ؛ الإشارة فيها : إن من غاية جهالة الإنسان وظلوميته أن يصير أمره إلى أن يسبوا الله الذي خلقه ، فقال تعالى : { وَلاَ تَسُبُّواْ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ فَيَسُبُّواْ ٱللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ } [ الأنعام : 108 ] ؛ يعني : ولا تخاطبوا أهل الضلالة على موجب نوازع النفس والطبيعة الجهولية الظلومية ، فيحملهم ذلك على ترك الإجلال وإظهار الضلال ، بل خاطبوهم بلسان الحجة وإلزام الدليل ونفي الشبهة ، ولا يضايقوهم على قبيح ما يفعلون فيزدادوا جرأة في عينهم فيكونوا سبباً وعلة لزيادة كفرهم ، { كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ } [ الأنعام : 108 ] ، كما زينا لكم مسالمتهم ومخاطبتهم بالعنف ، فكذلك زينا لكل أمة من المقبولين أعمال أهل القبول ، ومن المردودين أعمال أهل الردة ، { ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِمْ مَّرْجِعُهُمْ } [ الأنعام : 108 ] ، بأقدام تلك الأعمال كلا الفريقين يذهبون إلى ربهم ، { بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } [ الأنعام : 108 ] ، أما أهل القبول : فيسلكون على أقدام الأعمال الصالحة طريق اللطف فينبئهم بالفضل والإحسان أنهم كانوا يحسنون ، وأما أهل الردة : فيقطعون على أقدام المخالفات بوادي القهر والمهلكات فينبئهم بالعدل والخسران أنهم كانوا يسيئون ، { وَأَقْسَمُواْ بِٱللَّهِ جَهْدَ أَيْمَٰنِهِمْ } [ الأنعام : 109 ] ، وهم غافلون عن حرمانهم وخذلانهم ، { لَئِن جَآءَتْهُمْ آيَةٌ لَّيُؤْمِنُنَّ بِهَا } [ الأنعام : 109 ] ، قد حسبوا أن البرهان يوجب الإيمان ولم يعلموا أنهم مقهورون تحت حكم السلطان ، فلا يخلطوا بالبرهان عن قيد الخذلان وأيدي الحرمان ، وما يعني وضوح الأدلة لمن لا تساعده سوابق الرحمة . { قُلْ إِنَّمَا ٱلآيَٰتُ عِندَ ٱللَّهِ } [ الأنعام : 109 ] ؛ يعني : اطلبوها في مقام العبدية ، { وَمَا يُشْعِرُكُمْ } [ الأنعام : 109 ] يا أهل الحسبان { أَنَّهَآ إِذَا جَآءَتْ لاَ يُؤْمِنُونَ } [ الأنعام : 109 ] بالخذلان .